طلبت العائلة يوماً من احد افرادها وهو عائد من العمل ان يشتري لهم أرزاً (تمن) ، فأنفعل كثيراً ، ولما عاد من عمله قصد السوق وتوجه لإحدى المحال ، سأل البائع عن السعر وتفاجئ بإرتفاع الثمن ، من سوء حظه او حظ اهله انه قصد اغلى الباعة ، المهم ، ان صاحبنا عاد الى الدار دون ان يشتري ، ولما وصل اخبر اهله عن القصة ، فقالوا له ، ولماذا لم تقصد بائعاً آخراً ، فقال لهم "لا والله انا زعلت على السوگ كله ، فصارت حكايته مثلاً " زعلت سلمان على السوگ " .
ذكرتني هذه القصة بالكثير من مثيلاتها في العراق ، لا سيما في العلاقة بين المكونات الإجتماعية وربط تلك العلاقة بتصرف معين لسياسي أو نائب أرعن ، أو برجل دين مريض ، أو بشاعر يبحث عن الشهرة والمال ، أو بكاتب مغمور يريد أن يكون فارساً للقبيلة .
لن يكون هذا السياسي أو ذاك معياراً للوطنية ، ولن يكون هو الوحيد المعبر عن فقدان البوصلة ايضاً .
اعتقد ان السير في طريق سلمان وزعله على السوق لن يكون ذات جدوى ، فسلمان لن يكون الوحيد القادر على التعبير عن مصالح عائلته وعلاقتها بالعالم .
قدر المكونات العراقية ان تعيش مع بعضها ، وقدر مصالحها ان تكون مشتركة ، وعشائرها مشتركة، وزيجاتها ايضاً .
اذا سار كل مكون خلف "سلمانه" فلن يتوقف الموت ، ولن يتوفر الاستقرار .
ان عائلة كل مكون هي الأقدر على لجم التطرف بين الأفراد والأقدر على محاربة الأصوات النشاز وادانتها بقوة ، لا ان تدافع عن المفسدين والمتطرفين والمرتهنين بإرادات الدول الأخرى .
قولوا لسلمان ان زعل مرة اخرى على محيطه ، أو حاول ان يجر الآخرين لهذا الموت اليومي وهذه الكراهية المستعرة ، اننا بحاجة بعضنا ، فحتى لو تركنا كل المشتركات الأخرى فإن مصالحنا مشتركة .