لا يكفي ان نلعن الفساد ولا يكفي ان نشخص الفساد، فاللعن والدعاء على الفاسدين بلا عمل وسيلة العاجز. عشرات الصحف والفضائيات، وسياسيين وملفات سرية وعلنية ، ووثائق ويكلكس ومنظمة الشفافية العالمية ومراجع وخطباء منابر وحملات من ناشطين مدنيين ومؤسسات مجتمع مدني ، وتظاهرات واعتصامات كلها تتحدث عن الفساد والمفسدين، فلا احد يخشى الفساد ولكن الجميع يخشى المفسدين ، فالجميع يؤشر على الفساد ويلعنه باعتباره ضمير مستتر ميت لايرد ، ولكن منْ هم الفاسدون ؟ وماهي اسمائهم ؟ومن يحميهم والى اي الكتل ينتمون ؟ ولماذا لا يتم الإعلان عنهم وتعريتهم امام الشعب ، ولماذ لم نشهد محاسبة اي من الفاسدين في العراق ، ما هي أسباب الخوف منهم . هل هم عصابات ام أفراد ، وهل هم في كتلة معينة ام متوزعون على جميع الكتل ، وإذا كانوا متوزعين. لماذا لا يبادر زعماء الكتل الذين يدعون النزاهة والشرف برفع الغطاء عنهم ، كل هذه الأسئلة تحتاج الى اجابات .
فبين الحين والآخر. يخرج علينا احد السياسيين باستغفال العراقيين ، ويلعن الفساد ويكفر بربه فتقوم جوقة المغفلين بالتطبيل والتزمير ، ويتناقلون مقاطع الفيديو فرحين بكشف الفساد و متناسين الفاسدين ، بعض السياسيين يتحدث عن ملفات سرية تدين خصومه والبعض الاخر يخشى من القتل والتصفية وهو يصرح علانية في الفضائيات ، وثالث يتذرع بالحفاظ على العملية السياسية واللحمة الوطنية ورابع متورط الى الاذقان بالفساد ويخاف من كشف اوراقه فيما اذا أعلن عن الفاسدين وهلم جرا. وأصبحنا بين حانه ومانه كما يقول المثل .
مَنْ من العراقيين لا يعلم بالفساد وَمَنْ منا لم يتضرر من الفساد ، الفساد الذي سرق مستقبل اجيالنا القادمة الفساد الذي أوصل السراق الى مواقع السلطة الفساد الذي سلط الساقطين على مقدرات الوطن ، الفساد الذي نخر جسد دوائرنا الرسمية ، الفساد الذي افقرنا وجعلنا نخشى الفاقة والعوز وبتنا نستجدي الدول ، الفساد الذي حطم القضاء و التعليم والصحة والطفولة ، الفساد الذي أفقدنا الأمن والامان ، الفساد الذي أتى بداعش ، الفساد الذي جعل شبابنا يموتون لتذهب دمائهم الى الفراغ ، والفساد الذي جعلنا نكفر بالوطن وراح شبابنا يبحث عن وطن بديل ليتيه في ارض الله الواسعة وبحاره الشاسعة ليكون عرضةً للنصابين وأسماء القرش . فبدلاً ان نندب حظنا العاثر علينا ان نؤشر على الفاسد بكل شجاعة ، نحن نصحي كل يوم من اجل الوطن نموت من اجل ان يبقى اسم العراق عالياً ، نتحدى الاٍرهاب ولا نخشاه لماذا نخشى السراق؟ هل أصبحنا عاجزين ؟
بدلاً ان تلعن الظلام أشعل شمعه / مثل صيني
مقالات اخرى للكاتب
