يبدو بأن من أبتدع فكرة بيع أملاك الدولة العراقية بحجة مواجهة الإفلاس وتوفير السيولة المالية قد شاهد ولأكثر من مرة الفيلم المصري (عايز حقي) وحكاية صابر الطيب ذلك الإنسان البسيط الذي كانت أمنيتهُ الوحيدة الحصول على شقةٍ يتزوج فيها . وبعد أن أطلع على نص الدستور الذي يقر أن من حق أي مواطن جزءًا من الملكية العامة. تحول الأمر ليعرض وطناً بأكملهِ للبيع بعد أن حصل على توكيلات من الشعب تمنحهُ حرية التصرف بحقوقهم في تلك الملكية.
هنا توجهت للدستور العراقي لعلي أجد أملاً في الحصول على فرصة لحماية ما تبقى من أملاك الوطن المنهوبة منذ سنوات . فوجدت بأن المادة 27 منه قد نصت على الأتي : (للأموال العامة حُرمة، وحمايتها واجِب على كل مواطن) كانت فرحتي كبيرة بتلك الجملة التي تؤكد بأن لي حقاً كمواطن في حماية الأموال العامة. وفكرتُ بعدها بأن أطلق حملة كبرى من أجل الحصول على تفويضٍ شعبي يمنحني حرية التحرك القضائي. ياتُرى أن أطلقت تلك الحملة هل ستتركني الأنفس التي ترمي بالتُهم جزافاً ؟ وبأنني أحمل أجنداتٍ خارجية للنيل من سياسة البلد ؟ وبأني ضد حكومة السيادة الوطنية ؟ وضد النهوض من كبوتها المالية ؟ وضد الأفكار الخارقة التي تقود البلاد ؟ وضد الكتلة الفلانية والسياسي الفلاني والحزب الفلاني ؟ وتطول قائمة التُهم التي أصبحت سلاحاً يستخدمهُ من خرب البلاد ونهب العباد وجيشٌ خلفهم من التوابع الأذلاء .
لنقل بأني تعديتُ كل تلك المراحل بنجاح وبعدها من سوف يضمن بأن سيارةٌ مضللة أو مصفحة أو كاتماً للصوت أو حالة خطفٍ كل تلك الأمور قد تقتلني وتقتل حلمي وتُيتم أطفالي . أو أعتقل بتهمة تُفصل وفق مقاسي . ويعلنون بعدها من على قنواتهم الفضائية فرحين مستبشرين بإلقاء القبض على من تسبب بدخول داعش للعراق ومن نهب الأموال طوال السنوات الماضية والمسبب الرئيسي لسوء الخدمات . فكل شيء جائز في جمهورية الموت.
الزعماء وقادة الكتل والأحزاب وما أكثرهم فيك يا بلاد دجلة والفرات هل سوف يسكتون أم يتحركون للاتفاق على عقد اجتماع موسع للتباحث حول الأمر وتشكل عدة لجان للمتابعة ومؤتمرات صحفية . وتبدأ الأقلام والأفكار التي أشتروها بالمديح لهم ولحرصهم الشديد على هموم الناس والوطن الجريح .
الطامة الكبرى هل سوف ينصفني القضاء ويعترف بأن لي حقاً بحماية وطني وأموالهِ ؟ وهل سوف أدخل في دوامة التفسير القضائي لما ورد في تلك الفقرة الدستورية . آم سوف يُرد طلبي لأنه وردت كلمة أموال في نص المادة ولم ترد كلمة أملاك !! وعليه لا يملك المواطن الحق في حماية الأملاك فقط الأموال ومادام البلد مفلساً فلا يوجد أي فائدةٌ أو غايةٌ لطلبي .
وتُرد القضية ويتم الحكم عليّ بدفع تكاليف مالية للدولة لأني ضايقتها وأخذتُ من وقتها الكثير. ومن ثم تقوم الكتل والأحزاب السياسية هي الأخرى برفع قضيةٍ ضدي تطالبني بالتعويض عن المليارات التي صرفت لاجتماعاتها وتحركاتها ولأني كنتُ سبباً في شق صفوفهم والوئام الذي بينهم. فلا أجد مفراً للخلاص إلا ببيع منزلي وحاجيات البيت من أجل تسديد جزء يسير من تلك الأموال والمتبقي يتم تسديدهُ على دفعات سنوية مع الفوائد للدولة العراقية .
فأتحول من حام للأموال إلى مديون للدولة. وفي حالة عجزي عن تسديد الدفعات المتبقية قد يطرحون فكرة بيع المواطن العاجز عن التسديد وبالمزاد العلني. فيسقط شعار عايز حقي ويرفع بدلاُ عنه شعار الجماعة عايزين حقهم .
مقالات اخرى للكاتب