دقائق من الوقوف المتشنج تفصله عن باب الخروج ذي القضبان الصدئة .
وقف في طابور طويل يناطح أصحاب الكروش المتدلية كعناقيد البالونات الخاوية من كل شيء الا من الهواء .
كان يسمِي هذا الطابور طابور الخضوع يتسمر امام جهاز الكتروني ذي أضواء خافتة وبراقة تومض بسرعة وبصورة متقطعة مسلماً اصابعه لزجاجة تتلذذ طعم البصمة . كانه يقف أمام ملك من ملوك الازمان الغابرة ينتظر منه أن يعتق رقبته. جوارحه الان معلقة وهي على أهبة الاستعداد لأشارة التطابق .
علت وجهه أبتسامة أرتياح استدار بقوة ليطلق ساقه للريح بخطوات تسابق الزمن كالمتصدر للفرار .. لحظات حتى أختطفته أمنياته لتاخذه معها بعيداً عن الواقع يضع لنفسه خطوطا عريضة تتناسب مع طموحه وأحلامه ينساب من خلالها بسلاسة و هدوء لا تتعارض مع حجم هذه الامنيات محلقة بعيداً عن الخطوط الضيقة التي تحيط به .
هذه اللحظات مغيبة تختبئ في بئر عميق داخل وجدانه كانت كالصحراء من عطش الانتظار لتحقيقها فتفيض كلما سَنَحَتِ لها الفرصة . كالنافذة الصغيرة في غرفة مظلمة يمر منها خيط رفيع من هذا الامل تجعله يقف قوياً صابراً امام هذا الظلام الذي يعبث في داخل مخيلته. لم يقطع هذه اللحظات غير أحساسه بعدم التوازن خطواته بدأت تتعثر مهددة بسقوطه على الارض فاتبعها خطوة اخرى ليعادل بها ما اختل من توازنه ثم خطوة ثالثة .
وما أن كاد يعدل من تعثره أصطدم بمديره الذي يسميه تهكماً (السجان) والذي كان هو الاخر على غير عادته اليوم . من مزاج حاد واعصاب منفلتة واكتفى بإبتسامة صفراء. ولكنه في اليوم التالي اصدر أمراً أدارياً يمدد فيه وقت الخروج ربع ساعه أخرى و عقوبة أدارية للخطوات المتعثرة تؤخر ترقيتها المستحقة.
مقالات اخرى للكاتب
