يحكى ان هناك رجلاً ماتت امه التي كانت تعيش معه في الدار فطلبت منه زوجته بعد فترة ان يقلع شجرة النبق الموجودة في الفناء ، لكنه رفض ذلك بسبب ذكرياته مع الشجرة التي زرعتها امه، ونوع الشجرة ايضاً وانتاجها الغزير والمميز .
لكنه وافق بعد ذلك حين قالت له سبباً جعله يعيد تفكيره بالأمر " وجود الشجرة بيه اشكال شرعي " لأن الشجرة تكتظ بالعصافير ، وهذه العصافير تتزاوج وهي تستحي وتستحرم من ذلك المنظر خاصة عندما يكون هو خارج الدار، فوافق الرجل فوراً على اقتلاعها واجتثها تماماً ، المفجع انه عاد بعد ايام لداره فوجدها مع رجل غريب على فراشه .
فلم يستطع ان يفعل شيئاً سوى انه قد أخذ ملابسه وغادر المدينة وأخذ يتنقل من مدينة لأخرى حتى استقر به الحال في بلدة بعيدة جداً ، وحين كان على مشارف البلدة وجد رجلاً يسقي ارضاً مزروعة لكنه كان يضع حداً فاصلاً في وسطها ، وكان حين ينتقل من لوح لآخر يغسل مسحاته بالماء تماماً ويزيل منها الطين العالق ، دفعه الفضول ليسأل ذلك الفلاح عن السبب فأخبره عن خوفه من ان ينتقل الطين من ارضه الخاصة لأرض شخص آخر يعمل على زراعتها ، وعلل ذلك ايضاً بخوفه من " الإشكال الشرعي " ، كانت كلمة الإشكال الشرعي ذات وقع مؤثر على صاحبنا فترك الفلاح فوراً ودلف نحو المدينة .
استقر به الحال ووجد عملاً يأكل منه ، لكن المدينة مرت بحالة سرقات غير مسبوقة وقد فشلت الشرطة والوالي عن الإمساك بالسارق ، فتطوع صاحبنا وذهب للوالي قائلاً له عن معرفته بالسارق ، لكن الوالي استغرب ذلك " لقد سجلناك حديثاً في سجل المدينة " ، لكن صاحبنا اصر رغم ان الوالي اخبره عن عقوبة تنتظره اذا كان مخطئاً وصاحبنا يصر على رأيه رغم انه يعرف الجاني بالشكل فقط، وافق الوالي وطلب من الناس ان تأتي للساحة ليعاينها الشاهد .
مر الجميع وصاحبنا لم يعثر على مناه ، فأخبره الوالي عن قدوم جميع الناس وفشله في تشخيص السارق ، لكنه اصر ايضاً على قوله "ان هناك شخصاً مفقوداً " ، فطلب الوالي من شرطته ان يتأكدوا ، فقالوا له ان الجميع قد حضر بإستثناء عائلة الوالي ومؤذن القرية ، فطالب الرجل بإحضار المؤذن ، والوالي يتهدده بالعقوبة المشددة والجلد وربما الموت وهو يصر على ما يريد .
احضروا مؤذن القرية للساحة فعرفه الرجل مباشرة وقال لهم ان هذا هو السارق ، واستنكر الناس جميعاً ما سمعوا عن مؤذن بلدتهم الذي يصلي بهم كل يوم وقد سلموا له دينهم ودنياهم.
طلب الرجل منهم ان يحققوا مع المؤذن ونجحوا فعلاً بعد فترة لجره للإعتراف بفعلته .
كان يغسل " مسحاته" خوفاً من اختلاط الطين بالطين ليبعد الأنظار عنه ، ولإصابته بمرض نفسي خطير يسمى بالدجل الذي قتلنا نحن كشعوب وكأوطان .
رباط الحچي : الكل يتحدث عن الحقوق وعن الوطنية وعن المواطنة وعن الدين وعن الإشكال الشرعي لكنني وللأسف لا أثق بالكثير منهم بسبب هذا الدجل المتفشي بشكل كبير في اوطاننا .
احزاب وحركات وقوى اسلامية والسرقات بالمليارات والقتلى بالآلاف لكنهم يتحدثون امام الكاميرات عن الوطنية وعن الاشكال الشرعي .