هاشمي من أبوين هاشميين , أبوه إبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبدالمناف , وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبدالمناف.
ويقال أن أمه أسمته حيدرة (الأسد) , ثم سمّاه أبوه عليا.
هو الذي كرم الله وجهه عن السجود لأصنام الكعبة التي ولد فيها , وقد وعى الإسلام صبيا , فتشربت عقيدته في روحه ووجدانه , فكانت نشأته وتربيته في بيت رسول الله.
عالم بخفايا الإنسان , وعارف بجوهر البرهان , ومدرك لعناصر اليقين وبلاغة البيان.
وهبته الأقدار أدوارا عظيمة , وحبته الأيام بتجارب كريمة , وكانت طفولته ذات صعوبات كظيمة , فأدركته السماء بعناية خاتم الرسل والأنبياء , فصار أعلم العلماء , وأفقه الأئمة وأبلغ الخطباء.
أخذ العلم نقيا طاهرا من الرسول الكريم , فاستقى من جواهر الأصول , وبنى مسيرة لا تعرف الأفول.
إبن إبي طالب , الشديد المحارب , الحاذق صاحب التجارب , إمام الحق الذي أفقده كل صاحب.
الثائر المغوار , الصادق المؤمن الكرار , المعبّر عن إرادة الأحرار.
الدر المكنوز , والذكر المحروز, زوج فاطمة البتول , ذات المعالي والتسامي والقبول , إبنة خير البرية , وأمّ أنبل شهداء البشرية.
أنجبت الحسن والحسين , فأطلقت مسيرة الأئمة الطيبين , الأخيار الصادقين , الذين رفعوا رايات الرحمة والدين , وكانوا أنوارا وهاجة , تتصدى لإنحراف المفسدين.
الخطيب الأديب , العالم الأريب , المحارب اللبيب , القوي الشجاع العصيب , الذي حارب الكفر بسيفه , والباطل بفكره , وأرسى دعائم الإسلام بشجاعته وطاقات صبره.
عليّ الذي ما عدنا نعرفه إلا بإسمه , ولا نفهم قوله , وكأننا عنه غرباء , وبمسيرته جهلاء , وبآدابه وخُلقه وقيمه ومبادئه عُجماء , وعن سبيل رسالة إرادته وإحقاق الحق وصون الدين بخلاء.
أحوالنا تردت , وأفكارنا تصدت , وأيامنا تأسّت , فاختلط حابلها بنابلها , وحقها بباطلها , وصدقها بكذبها , وإيمانها بكفرها , وما عادت الناس تعرف طريقها , وتدري مواردها , فصار الكتاب حمّال أوجه , ووسيلة لتبرير كره , فهم لا يميزون النور من الظلام , وكلهم على بعضهم ظلاّم.
فالناس نيام , وبالشرور يتعثرون , وإلى الجور والقهر لا ينتبهون , بل للصراخ والنحيب يستلطفون , وبالآهات يجهرون.
وعندنا عليّ, الذي يدعو إلى الرحمة والمحبة والعدل , والإيثار ووعي الدين , والحفاظ على لغة الضاد , التي وضع أسسها وقواعدها ونحوها , وأطلق كوامن روعتها , في نهج بلاغته المنير وفكره الأثير.
فهل لنا بعودة إلى عليّ!!
لكي نتمثل قليلا من معاني مبادئه , وقيَمه وأخلاقه وأفكاره ووصاياه , التي تؤسس لقواعد السلوك الحضاري المنضبط.
فكيف لأمة في خزائنها دساتير صيرورة كبرى , وهي تتداعى إلى قاع الحضيض؟!
ولنتأمل بعضا من أقواله:
"حُسنُ الخُلق خيرُ قِران"
"عاتب أخاك بالإحسان إليه , وأردد شره بالإنعام عليه"
"كفى أدبا لنفسك تجنبك ما كرهته لغيرك"
"الإيمان معرفة بالقلب , وإقرار باللسان , وعمل بالأركان"
"نِعمَ المؤازرة المشاورة"
"ثوب التقى أشرف الملابس"
"مَن تكبّر على الناس ذل"
"الناس أعداء ما جهلوا"
"مَن قال أنا عالم فهو جاهل"
"ما جاع فقير إلا بما مُتّع به غني"
"لا تكن عبد غيرك , وقد جعلك الله حرا"
"غاية الأدب أن يستحي الإنسان من نفسه"
"إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا , واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا"
"مَن أعجب برأيه ضلّ"
"مَن حَكمَ ولم يفرط في أمره عاش في الدنيا سعيدا"
"إحصد الشرّ من صدر غيرك بقلعه من صدرك"
"أعجز الناس مَن عجز عن إكتساب الإخوان"
"مَن سلّ سيف البغي قُتِلَ به"
"أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة"
وتحية لأمير المؤمنين , ومنار العارفين , ومصباح اليقين , شهيد الحق والعدل الأمين!!