منذ ما يقارب الشهر ونائب رئيس الجمهورية السيد نوري المالكي لم يستقر في مكان , فبعد زيارته لإيران التي قاربت الاسبوع – وهي فترة طويلة نسبيا – قابل فيها مرشد الجمهورية الاسلامية السيد علي خامنئي وباقي المسئولين الايرانيين الكبار . وقد ترشح الى الشارع الايراني , انه بحث في ايجاد حماية له بعد ان انهارت الجبهة السياسية والرسمية التي كان يتزعمها , وفتحت ملفات انهيار الجيش العراقي وتسليم الموصل الى داعش كما اكدها المالكي نفسه , وقد ظن انه بهذا الاقرار سوف يرفع المسؤولية عنه . وبعد ايران لم يستطع الانتظار فقفز الى ذي قار في زيارة مفاجئة , وفي خطابه هناك اكد على ان : السنة اتهموه واتهموا الشيعة بأنهم من استقدموا داعش وسلموا لها الموصل وباقي المنطقة الغربية . والحقيقة ان الاتهامات وجهت الى المالكي , ليس من قبل السنة فقط بل ومن الجميع ومنذ اليوم الاول لسقوط الموصل , باعتباره القائد العام للقوات المسلحة وهروب القيادات العسكرية العليا بملابس مدنية الى كوردستان كما ظهرت في التلفزيون . لكنه اراد ان يوهم جماهير الشيعة بأنهم متهمون معه من قبل ( السنة ) .
عدم الاستقرار , واللخبطة في التصريحات – ويكاد ان يكون الوحيد بين مجموع الرئاسات – الذي يصرح بهذه الكثرة , توضح حالة الارباك التي يمر بها , والجميع يدرك انها نتيجة انفتاح الوضع بقيادة رئيس الوزراء العبادي لمعالجة التركة الثقيلة لفترة المالكي وفي المقدمة منها الفساد واللصوصية التي عانت منها الوزارات الامنية , والتي يقودها المالكي بنفسه طيلة السنوات الاربع الماضية . والمالكي يدرك جيدا ان حصانة وظيفته الحالية كنائب لرئيس الجمهورية , لن تشفع له في عدم ادانته , خاصة بعد الاطاحة الجريئة من قبل العبادي للقيادات التي كان يعتمد عليها في الوزارتين الدفاع والداخلية للتستر على الفساد وإشاعته . والمالكي يدرك ايضا ان العبادي مدعوم من الامريكان والإقليم وباقي دول العالم , وبالأساس من القوى الوطنية العراقية وفي المقدمة منها الاحزاب الشيعية الرئيسية المجلس الاعلى والتيار الصدري وحزبه الدعوة .
ان دائرة الاتهامات وتحميله المسؤولية الاولى اخذت تتكشف وتضيق عليه , وهي التي دفعته للتهرب من اجتماع الرئاسات الثلاث ومواجهة العبادي وباقي المجتمعين وجها لوجه قبل يومين . ومن شدة ارتباكه اختار زيارة بيروت , ومما يؤكد عدم الاتفاق على هذه الزيارة مع الجانب اللبناني , انه لم يستقبل استقبال رسمي , ولا من اية شخصية تقارب على الاقل موقعه الرسمي . والانكى انه لم يعرف او نسى في زحمة ارتباكه , انه متهم في تفجير السفارة الامريكية في بيروت عام 1981 , ومثبتة عليه في احدى تصريحاته المتباهية , وعليه دعوى قضائية تطالب باعتقاله كما نشرتها عدة صحف عربية اليوم , منها القدس العربية , المشرق , السفير , السياسة الكويتية .
المالكي يدرك بالتأكيد انه لن يجد مكانا آمنا له , لا في العراق , ولا في دول الاقليم , ولا حتى في ايران التي لن تجازف بسمعتها وتستقبله بعد السيل الذي يتزايد عليه في رعاية الفساد واللصوصية . ومثلما اكدها رئيس الوزراء حيدر العبادي بأنه جاد في محاسبة كل من ساهم في هذه الجرائم ومهما يكون موقعه .
مقالات اخرى للكاتب