الاصلاح لا يصلح ما وصل اليه الحال من الانحدار في العراق , لكونه يعني الترقيع , وفي احسن الفروض ابدال ما هو عاطل , وبطئ تنفيذه اذ تم ( التوافق ) عليه . ومن اين تأتي بالإخلاص الذي يوافق على التوافق من الفسدة واللصوص القيمين على ادارة العملية السياسية في الكتل والأحزاب المتنفذة , وكل من يعتقد ان الصراع بين اعضاء الطبقة السياسية سواء بين احزاب المكونات او بين اشخاصها هو صراع حقيقي فهو واهم , وجميعهم شيعة وسنة وأكراد متماسكون لحد الاستقتال للإبقاء على نظام المحاصصة .
نحن بحاجة الى خطوات جذرية تذهب سريعا الى ابعد بكثير من الاصلاح , وفي المقدمة منها اعادة كتابة الدستور ( المنغولي ) الذي ظلل لقيام المحاصصة التي جاءت بكل هذه الكوارث , وكانت من بين اقذر وافشل الحكومات في العالم. في مقابلة مع الاستاذ حميد مجيد موسى رئيس الحزب الشيوعي العراقي قبل عقد كامل من السنين وكان عضوا في لجنة اعادة صياغة الدستور , اجاب عن انجازية اللجنة : " اكملنا خمسا وتسعين في المئة منه , وبقى خمسة في المئة فقط " . وكان صادقا في جوابه , فهذه الخمسة في المئة هي المواد التي تشكل الجهاز العصبي والعقلي للمنغولي , وبدونها لن تقوم للمنغولي قائمة الى ان يوارى التراب . وفي المقال الاخير للأستاذ جاسم الحلفي وهو ناشط مدني معروف , اكد على ان " التغيير مقابل المحاصصة ".
نعم لابد من التغيير , ولكن ماذا يمتلك العراق الآن من مرجعيات تستطيع ان تفرض ارادتها الوطنية للشروع بالتغيير ؟ فهل بإمكان المرجعية الدينية في النجف الاشرف تولي التوجيه بهذا التغيير بعد ان ( بح صوتها ) وأعلنت انسحابها امام طواغيت اللصوص والمفسدين , ام المرجعية الحكومية المتمثلة برئيس الوزراء والجمهورية والبرلمان التي لا تمتلك آلية فاعلة تربط وحدة عمل هذه الرئاسات لحد الآن , ودع عنك ان كانوا اكثر اخلاصا من قوائمهم وأحزابهم . ام مرجعية عسكرية تدين بوحدة الولاء للوطن , ام المحتجين الذين جردوا حتى من حرية التظاهر التي كفلها المنغولي , وجرى الاعتداء عليهم بشتى الوسائل .
في خبر نشره موقع " صوت كوردستان " اليوم 20 / 2 / 2016 تحت عنوان " برلمان اقليم كوردستان يدعو الى مراقبة دولية في اربيل بسبب ممارسة السلطات الامنية التعسفية ". " وهو بيان صادر من لجنة حقوق الانسان التابعة لبرلمان الاقليم موجها الى الامم المتحدة وقنصليات الدول في الاقليم ". وبغض النظر عن الخلافات السياسية التي دعت لهذه الخطوة الذكية في التمرد على من اوصل الاوضاع في كوردستان لهذا المنزلق , وعسى ان تكون حافزا للعراقيين الرافضين والمحتجين لتنظيم صفوفهم وإيجاد المنافذ القانونية للاستعانة بهيئة الامم المتحدة للإشراف على ادارة العراق وإعادة بناءه . ولن تكون تكاليفها والفساد الذي سيرافقها اكثر من ربع المبالغ التي سرقها لصوصنا ( الوطنيين ) ولم ينهضوا بانجاز ابسط الحقوق الآدمية للعراقيين , قبل ان تعود اميركا بديمقراطية اكثر عواء وشراسة من الاولى التي منحتها للعراقيين بعد ازاحة صدام كما يأمل البعض .
مقالات اخرى للكاتب