أوضحت اللجنة المالية النيابية أمس (الاثنين) إن رئيس الجمهورية الدكتور فؤاد معصوم لم يصادق بعد على قانون الموازنة الاتحادية للسنة المالية الحالية ( 2017 ) رغم تصويت مجلس النواب العراقي على جميع فقراتها بتاريخ 7 / 12 /2016 بعد مخاض عسير بين الكتل السياسية ، وقال عضو اللجنة سرحان أحمد في تصريح لـ( المعلومة ) ، إن قانون الموازنة العامة للسنة المالية الحالية ما زال في أروقة اللجنة المالية وينتظر صدور الأوامر الإدارية من رئاسة مجلس النواب لإحالته إلى رئيس الجمهورية بهدف المصادقة عليه ونشره في الجريدة الرسمية ، وأضاف أحمد ، أن الموازنة تحتاج لشهرٍ كامل بعد نشرها في الجريدة الرسمية قبيل البدء بتوزيع مواردها على وزارات ومؤسسات الدولة ، مبينا أن المدة المذكورة قد تطول أحياناً في حال طعنت أحدى الأطراف السياسية بقانون الموازنة لدى المحكمة الاتحادية .
ويعد عدم إحالة قانون الموازنة لرئاسة الجمهورية للمصادقة عليه السبب في عدم نفاذ قانون الموازنة رغم مرور ثلاثة أيام على بداية السنة المالية ، حيث تفاءل البعض بانتهاء مجلس النواب من المصادقة على القانون بوقت مبكر أي قبل 24 يوما من بداية السنة المالية ، واعتبروا إن ذلك قد حل عقدة تأخير الموازنة في السنوات السابقة حيث كانت تطول مناقشاتها والمصادقة عليها إلى شهر آذار أو نيسان من كل عام بحيث لم يكن يتبقى الوقت اللازم لتنفيذ مفرداتها واستفادة الشعب من التخصيصات المالية الأمر الذي أدى إلى تأجيل تنفيذ بعض الأهداف والالتزامات للسنوات اللاحقة ووصول أوضاع تنفيذ المشاريع وتقديم الخدمات إلى ما نحن عليه كواحدة من الأسباب ، ولعل الانتهاء من مناقشة وإقرار موازنة 2017 قبل انتهاء السنة المالية كانت بادرة أمل وإحدى حسنات الموازنة التي غطت عيوب كثيرة تضمنتها بعض موادها بسبب ضعف الإيرادات والاعتماد على الأسلوب التقليدي في إعداد الموازنات ، ولكن هذه الحسنة في طريقها للزوال لان نفاذها يبدأ من 1/ 1/ 2017 وهي لا تزال في أروقة مجلس النواب و تحتاج إلى شهرين أو أكثر لكي تعد نافذة قانونيا بعد نشرها في الجريدة الرسمية ( الوقائع العراقية ) ، فخلال هذه المدة ستخضع إلى الإجراءات التالية :
. استلامها رسميا من قبل رئاسة الجمهورية بعد إرسالها من قبل رئاسة مجلس النواب
. مراجعتها من قبل السيد رئيس الجمهورية ومن يرتايهم من مستشاريه خلال 15 يوم
. إرسالها للتدقيق الأخير الذي يشمل الأخطاء اللغوية والتكرار ومطابقتها للصياغات
. إرسالها إلى وزارة العدل لغرض نشرها بعد ترجمتها إلى الكردية وإعطاء التسلسل التشريعي
. نشرها فعليا في الوقائع العراقية وتثبيت تاريخ الإصدار وعدها نافذة من بداية العام الحالي
. البدء بتوزيع مواردها على وزارات ومؤسسات الدولة ووحدات الصرف لغرض المباشرة الفعلية بتطبيقها
. تجاوز موادها الطعون التي من الممكن أن تقدمها الحكومة إذا وجدت إجراء تغييرات عليها تناقض فلسفتها وأهدافها أو عند قيام مجلس النواب بإضافة أعباء مالية عليها تفوق القدرة على تغطيتها بما يتوفر من إمكانيات .
وبخصوص الفقرة الأخيرة فقد تم توجيه سؤال إلى السيد رئيس مجلس الوزراء في إحدى المؤتمرات الصحفية التي اعتاد عقدها بعد انتهاء الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء كل يوم ثلاثاء حول رأيه في الموازنة الاتحادية لعام 2017 بعد مصادقة مجلس النواب ، فأجاب إن الموازنة بعد المصادقة لم نطلع عليها كما إن الطعون تقدم بعد نشر قانون الموازنة في الجريدة الرسمية ، وأضاف قائلا إذا وجدنا إن التغييرات التي أجراها مجلس النواب لا تمس جوهر قانون الموازنة ولا تحدث التزامات مالية إضافية فسنمضي بتطبيقها أما إذا وجدنا العكس فسنقوم بالطعن ببعض المواد أو الفقرات كما حصل في حالات سابقة خلال السنتين الماضيتين ، ولكنه طمأن بان المواد التي لا توجد عليها طعون سيتم المضي بتطبيقها كما وردت في مشروع القانون .
وتأتي أهمية صدور قانون الموازنة كل عام لان نفاذ القانون يعني إعطاء الأوامر بالصرف على وفق الآليات المعتمدة لدى السلطات المالية ، وبدون صدور قانون الموازنة فان وزير المالية يقوم بتخويل الوزارات والدوائر غير المرتبطة بوزارة للصرف شهريا بنسب محددة من الإنفاق الفعلي للسنة المالية السابقة من بداية السنة المالية ولحين نفاذ قانون الموازنة ، وقد تكون هذه النسب 1: 12 أو 1: 18 أو 1: 24 وقد تصل أحيانا إلى 1: 36 ، وهذه الأرقام ليست رموزا غريبة وإنما دلالات على الصرف ، فمثلا 1: 12 تعني بان الوحدة المالية المعنية بمكانها أن تصرف بمعدل الصرف لشهر واحد من مجموع المصروفات الفعلية خلال السنة المالية السابقة لتخصيص معين ، فإذا كانت مصروفاتها الفعلية 240 مليار دينار خلال السنة السابقة على المستلزمات السلعية (مثلا ) فان هذه الدائرة أو الوزارة بإمكانها أن تصرف بما لا يزيد عن 20 مليار دينار لكل شهر ولحين نفاذ قانون الموازنة ، وينطبق الحال نفسه على بقية النسب فإذا كان الأمر 1: 24 فان مجموع الصرف يجب أن لا يزيد عن 10 مليارات دينار شهريا لحين نفاذ الموازنة الحالية مع مراعاة الشروط الأخرى للصرف .
ومن المعلوم ، إن أي تأخير بمواعيد نفاذ الموازنة يعني تعطيل مصالح الجمهور لان المسؤول المعني سوف يكون مقيدا بالصرف في حدود النسب المحددة لحين ورود تعليمات تنفيذ قانون الموازنة وتوزيع التخصيصات من قبل وزارة المالية بخصوص الموازنة التشغيلية ووزارة التخطيط بخصوص الموازنة الاستثمارية ، وقد يتضرر من هذا التعطيل العديد من المتعاملين مع الأجهزة الحكومية من الموردين والمجهزين والمتعاقدين وأغلبية المواطنين مما يعني شل جزءا مهما من فاعلية الجهاز الإداري ، وفي السنة المالية الحالية يتطلع العديد من الموظفين إلى نفاذ قانون الموازنة الاتحادية لكي يتعرفوا بشكل واضح وصريح على تعليمات المادة الخاصة بمنح الإجازة بكامل الراتب الاسمي لمدة 4 سنوات لكي يحزموا أمرهم بشان التمتع بها أو تأجيل ذلك إلى ظروف اشد أو مغادرة الموضوع ، فهذه الإجازة باتت تستقطب اهتمام الموظفين لدرجة إن بعضهم اجلوا التمتع بالإجازة بدون راتب لغرض المقارنة والمفاضلة بين الاثنين واتخاذ القرار المناسب بينهما ، وأكثر الذين ينتظرون نفاذ قانون الموازنة من اغلب أبناء الشعب وليس الراغبين بالتمتع بإلاجازة الطويلة فحسب يعتقدون بان فخامة رئيس الجمهورية هو المتسبب بتأخير إصدار قانون الموازنة والحقيقة ليست كذلك لان الموازنة لم تحال له بضوء تصريح اللجنة المالية النيابية ، والأمر يتعدى ذلك ويشكل يعطي التقديرات بان الموازنة سوف لا تطبق قبل 1 / 3 / 2017 إن لم تتخذ إجراءات لتعجيل نفاذ وتنفيذ الموازنة ، مما يعني بشكل ضمني إن ( حسرة ) تنفيذ قانون الموازنة بمواعيدها المحددة من بداية السنة المالية أي من 1/1 من كل عام ستبقى حبيسة النفوس وأمنيات مؤجلة منذ 13 سنة ولا نعلم متى سترى النور .
مقالات اخرى للكاتب