قال البنك في المركزي في بيان نشرته الأربعاء وكالة ( المعلومة ) إن تنفيذ تطبيق النظام الجديد لنافذة بيع العملة الأجنبية أدى إلى تحقيق انخفاض ملحوظ في سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي ، حيث أزاح النظام الجديد الوسطاء والمتطفلين من خلال تغيير المتطلبات والإجراءات باتجاه التبسيط والشفافية في عمليات نافذة بيع العملة الأجنبية ، وأضاف أن النظام الجديد يؤمن للنافذة المنافسة بين المصارف على أساس مدى الالتزام بقواعد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ، وأكد البنك أنَ نجاح النظام الجديد وبتعاون مع المصارف العراقية يشجع على اتخاذ إجراءات إضافية من شأنها تغطية الطلب المشروع على الدولار وصولاً إلى السعر المستهدف من خلال تطبيق برامج ومعايير وقواعد جديدة تحقق وضوح وشفافية تلك العمليات ، ومن خلال قراءة سريعة لمحتويات هذا البيان تتضح للقارئ مجموعة من الملاحظات أبرزها :
. إن البنك قد طبق نظاما جديدا لنافذة بيع الدولار مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في سعر الصرف ، ويعني ذلك إن النظام الذي كان يطبقه البنك غير صالح رغم إن 11 سنة مرت على بيع الدولار في ( مزاد ) البنك المركزي العراقي وتم خلالها بيع مئات المليارات من الدولار منها 7مليارات و285 مليون دولار للمدة من 2/ 1 / 2017 لغاية 2/ 3 / 2017 .
. تمت إزاحة الوسطاء والمتطفلين بموجب النظام الجديد ، وهو اعتراف ضمني بوجود وسطاء ومتطفلين لم تتم إزاحتهم إلا في هذه الأيام ولا نعلم هل إن الإزاحة شملت الجميع أم بعضهم وما هي الإجراءات التي اتخذت بحقهم كونهم حققوا منافع من تطفلهم ووساطتهم غير المشروعة ؟ وفي مثل هذه الحالات يفترض محاسبتهم وإدراجهم في القائمة السوداء .
. إن النظام الجديد يؤمن التبسيط والشفافية ، فهل كان النظام المعمول به سابقا لا يؤمن هذه المتطلبات والتعامل يجري مع أهم مفردة وهي بيع الدولار المتأتي من إيرادات النفط والقروض التي تعد من المصادر الأساسية لتمويل الموازنة الاتحادية ، وهل إن عدم تطبيق الشفافية كلا أو جزءا كان يتم سهوا أومن قبل إدارات في البنك او جهات متنفذة خارجه ؟ .
. إن نجاح النظام الجديد يؤمن للنافذة المنافسة بين المصارف على أساس مدى الالتزام بقواعد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ، وهذه العبارة تعطي الانطباع بوجود غسيل للأموال وتمويل الإرهاب دون الإشارة إلى حجمها ومصدرها والجهات التي مارستها كما إن البيان لا يعطي دلالات قاطعة على انتهاء هذه الظواهر او الحالات لغرض اطمئنان الجمهور .
. إن البنك بصدد اتخاذ إجراءات إضافية من شأنها تغطية الطلب المشروع على الدولار وصولاً إلى السعر المستهدف من خلال تطبيق برامج ومعايير وقواعد جديدة تحقق وضوح وشفافية ، ولم يحدد معنى الطلب المشروع على الدولار لان الدولرة سياسة تستخدمها بعض مؤسسات الدولة ، فبطاقات السفر بالطائرات تباع بالدولار وحج العمرة بالدولار وبعض الفنادق تتقاضى أجورها بالدولار وعمليات البيع والشراء في الشورجة والكرادة وجميلة وغيرها من أسواق الجملة واغلب التعاملات المحلية تجري بالدولار فهل تدخل هذه العمليات ضمن الطلب المشروع فهل يسمح للمواطن بدخول النافذة أم إن الدولار بات من حق جهات محددة تضعنا تحت رحمة مكاتب وشركات الصيرفة ؟ .
. لم يتطرق البيان إلى معنى السعر المستهدف فهل هو 1194 دينار لكل دولار أم 1200 دينار او السعر السائد في الاسواق ، لان البنك المركزي ليست له أية آليات للسيطرة على تجاوز الجهات التي تبيع لها الدولار ، فمنذ أشهر عديدة وسعر الدولار 1300 دينار او أكثر وهذه الأسعار ليست سرية إذ يتم التعامل بها في بورصة الحارثية والكفاح ليلا ونهار أمام أنظار الجهات الرقابية للدولة كافة ومن ضمنها دوائر البنك المركزي ، رغم إن اختلاف أسعار البيع يشكل مخالفة قانونية لأنها تتقاطع مع التعهدات المقدمة للبنك من قبل المصارف وشركات الصيرفة ، كما إنها تعد من الجرائم الاقتصادية لأنها تؤثر على مستويات الأسعار في الأسواق والقدرات الشرائية لعموم المواطنين وتؤدي إلى الربح غير العادل من خلال بيع السلع المخزونة او غير المباعة بسعر الدولار المرتفع وبذلك يجني التجار وغيرهم ملايين الدولارات يوميا من أية جهود وإنما من خلال المضاربات والتحكم والاحتكار .
ونشير بهذا الخصوص إلى إن الأيام التي سبقت صدور بيان البنك المركزي العراقي ، توجهت أسعار صرف الدولار للانخفاض التدريجي حيث وصل الدولار إلى 1240 دينار وقد تفاجأ البعض لهذا الانخفاض ، ويقال إن أصحاب مكاتب ودكاكين الصيرفة أصيبوا بالذعر خشية حدوث انخفاض في أسعار الدولار يوصلها إلى اقل من 1200 دينار ، ولكن حصل تزامن بين نشر بيان البنك المركزي في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي وعودة أسعار الصرف للارتفاع مرة أخرى ، ففي الوقت الذي كان فيه البعض يترقب الانخفاض التدريجي للدولار فقد وصل السعر إلى 1260 دينار ابتداءا من يوم الأربعاء الماضي ، وكما هو معروف فان أسعار الجمعة والسبت تبقى متأثرة بأسعار الخميس لان البنك المركزي يتوقف عن بيع الدولار خلال هذين اليومين ، لذا فقد بقي السعر 1260 حتى مساء السبت ( أمس ) ولا نعلم ما تخبأه الأيام القادمة من أسعار الصرف التي لم تهدا لأيام طويلة منذ بداية مزاد العملة سنة 2004 لحد اليوم لأسباب معروفة للجميع ، فالأسعار انحرفت بدرجات معينة عن الهدف الذي طالما كان تتبختر به إدارات البنك المركزي والمتعلق باستقرار أسعار الصرف لكي لا يتضرر المواطن من تذبذب أسعار الصرف ، وهو ما لم يتحقق لا كشعار او هدف فعلي رغم إخراج نسبة مهمة من ثروات العراق من الدولار ، لدرجة إن بعض الأفراد باتوا يؤمنون بمقولة احذروا شراء الدولار لما أوقع بهم من ويلات .
مقالات اخرى للكاتب