كان مراهقا لكنه واع ،يركض في أزقة البصرة خلف حبيبته الأولى ليهمس لها بسر (الاعتراف) بالحب الأولي ويطبع على وجنتها قبلة حارة لتلمع في عينيها ولتبادله الحب أيضا، هو نفسه يسير ببطء في تلك الأزقة الضيقة واضعا بين يديه جريدة او كراساً صغيراً ، واقفا تحت شجرة منتظرا شيئا جديدا مثل الحب الأولي ،ليأتي من اللامعقول ليسأله سؤالا عابرا فيجيب عليه إجابة غريبة ليصافحه بحرارة ويرحب به قائلا (أهلا رفيق) نوعا آخر من العشق قد يكمل أحدهم الآخر (الأفكار والعواطف).
ويخـــــطئ من يدعي بأنهما متعارضان!سنوات عشرة أو أقل منها بسنة هي فـــــــترة الانتـــــــماء السياسي كانت قادرة على خلق شخصية تنفصل نهائيا عن الزمن الذي سبقها وتمتد الى المستقبل المفتوح على كل الاحتمالات، اليسار الأممي في العراق كان يمثله الحزب الشيـــــــوعي لذلك كانت ثقافتنا ونشاطاتنا ونقاشاتنا وصراعاتنا مع الآخرين تستمد قوتها وحيويتها ومنطقها من تراث هذا الحزب.
تلك القناعات كانت لها جانب من (الاعترافات) التي أخذت الطابع الذاتي والمشاعر التي اختلطت مع التقييم الحالي لربيع الثورات ليس بعيدا عن المشهد السياسي في العراق!
الاعترافات هي قراءة ومعايشة هي انتماء وذكريات هي تشبه الاعتراف المسيحي في (الكنيسة) ولا تماثل (الاعتراف) تحت طائلة التعذيب في دوائر الأمن والمعـــــــتقلات هي (اعترافات) سياسية تبحث عن المشروعية والقبول في مملكة القراء، هي اعترافات (أممية) لم تكن محلية أو قومية.
فهل كان في نيتنا أن نصلح العالم بهذه الأممية وقد أدار العالم ظهره لنا ؟ أم أننا نعبر عن عجزنا لفك طلاسم الواقع المحلي او القومي فانطلقنا كالعصافير في سماء الأممية حتى نجعل الآخرين يحاسبوننا عما يحدث في هذا الفضاء الواسع!!
لكن تلك الأممية جعلتنا نفهم العالم لواسع بشكل مشوه،ولا نفهم الواقع المحلي بشكل واضح ،وعزاؤنا في هذه الأممية بأنها كان من نتاجها الكثير من المبــدعين في مجال الأدب والفن ومناحي النشاطات الإنسانية.
ويبــــقى للحرية مفهوم غامض في عالم الاحزاب السياسية وقد تجاوزنا ذلك من خلال فـــــــــــــك الارتباط التنظيمي بتلك الأحزاب لنكون بعيـــــــدين عن الصورة ،عندها توضح الرؤية ونفعل ونفكر ونكتب بما نشعر به وليس بما يملى علينا!
فهل في الأمر (خيانة) لأننا أخذنا من الحزب الثقافة والوعي ولم نرهن مقابل ذلك حريتنا؟.
مقالات اخرى للكاتب