في اسوا ما مر من احداث في البلاد ، و هجرة الناس و نزوح العباد ، اصر حطامة ابن الاغبر على البقاء في بيته ، فمرت الاحداث وهو نائمٌ في الحوش ، لا يدري بما تقوم به داعش ، في بيجي و تلعفر و بادوش .
فانطرق الباب في صبح ذلك اليوم ، مفيقاً ابن الاغبر عما كان به من جيثوم ، فقام اليه و المكروده بنت المظلوم – زوجته – تصيح عليه طالبةً منه الاستعجال ، و هي تدردم من طول نوم زوجها و ما هم فيه من الحال ، فقد كانت كثيرة الكلام ، تهوى الحرب مع زوجها و تنبذ السلام ، صاحبة لسانٍ لا يطاق ، لا تميز عن الرجال ان البسوها خوذةً و نطاق ، حتى جعلت زوجها حطامة ينام لساعات كي يخلص من الدردمة ، و اللغوة و الهمهمه .
فلما فتح ابن الاغبر الباب ، راى رجلا كث الشعر اشعثا مغبرا قذرا ، ذو لحية منتفه ، و صلعةٍ ملمعه ، قصير الدشاديش ، وكانه احد الدعاديش ، يحمل قوسا و سهما ، لا يبد عليه فهما ولا علما ، وكان اسمه ابو دجانه الداعشي ، فقال لابن الاغبر :
جئنا بجردِ نسوةٍ في البيتِ ..
ناخذ منه حصة المجاهد ..
ناخذ ثلثهن للنكاحِ ..
و نقتلُ الرافضَ و المعاند !!
ففرك ابن الاغبر عينيه ، و نظر الى ضيفه الداعشي ، و قال له :
مكرودةٌ لدي ان اعطها ..
لن تجرعوها ساعةً ونصفا ..
فتتركوا البلاد كي تهجّوا ..
و تمسكوا على الحدودِ صفا ..
فاصر الداعشي على ان ياخذ المكروده بنت المظلوم غنيمةً للدواعش ، فلم يعارض حطامة ذلك ، فقد اراد منها الخلاص ، فجمع جوالاتها في علاكة جنفاص ، ووضع لها في كيسٍ تفاحتين و جبس ليز و عنجاص ، ثم نادى عليها :
مكرودةٌ فحان ذا الموعدُ ..
اعطيك مغنما لهذا العدو ..
لا ترجعي للدار يوما فقد ..
صرتِ غنيمةً لابن البدو ..
ففرحت المكرودة بدورها بالخلاص من حطامة ، و اخذت صرة اغراضها ، و مشت مع الداعشي فرحةً بحرية جنود " الدولة الاسلامية " ، و ما هم فيه من صفاتٍ اخلاقية !!
و بعد يومين من رفقة المكرودة للدواعش ، وقف بعير عليه ابو دجانه الداعشي وهو ملثم بباب بيت حطامة ، و رمى المكروده من ظهر البعير ، و مضى راكضا ببعيره على غير هدى ، و المكروده لا تزال تدردم منه و تتنكت ملابسها ، ولما راها حطامة سالها عما جرى ، فدردمت مجددا ، حتى فهم ابن الاغبر ان المكروده حولت حياة الدواعش جحيما ، فلم يقربها منهم امير و لا والي ، و لم يطقها عدوٌ لداعشٍ و لا موالي ، لطول لسانها ، و حدة طبعها ، فجعلت حطامة يغتم بوجهه مجددا و هو كظيم .
و بعد ايام فرت الدواعش كلها من ارض العراق ، و هجوا بسبب المكروده التي لا تطاق ، و تركوا سلاحهم و بعرانهم ، و عمالهم و غلمانهم ، فكانت اسلحتهم على الارض كوم حديد ، فقد تركوا العراق و لجأوا الى اثيوبيا السويد .
و قيل ان ملك بلاد سعود نفسه ترك حكم البلاد، و هجَّ بسبب المكرودة ، تاركا الحكم و العباد ، و هو يصيح بشعبه : لقد غبلتنا امراة من ارض العراق ، ايها الشعب السعودي "الشقيق" !!
فلما راى حطامة ما حل بداعش وملكها بسبب المكروده ، وراى ان لا خلاص له منها قال :
انا عندي مره مو صنف نسوان ..
بعشرتهه شفت ضيم و ظلايم ..
لحد الان دايخ و اسال الناس ..
عله حظي المصخم وين نايم !!
وقيل ان حطامة قد عرض المكروده للقتال الى جانب الريح الصفراء ايضاً ، فاودت بقاسم سليماني الى التقاعد ، و ذُكِر انه مات بالجذام !
ومازالت تدردم !!
ميراث الاباء للابناء في عدل ولاة المنطقة الخضراء
لبديع الزمان رسلي المالكي