مرت ذكرى 2 آب 1990 في أجواء مختلفة عن سابقاتها، حيث العراق و الكويت يتقاسمان اليوم نفس المخاوف من الفتنة الطائفية و التقسيم ، ففي الوقت الذي تعافت فيه الكويت من المحنة تدريجيا ظل العراق يراوح مكانه، قصف و حصار و قتل ممنهد قاد الى الأحتلال و " خراب بيوت" الجميع في المنطقة باستثناء ساسة الحكم في ايران، لنبدأ رحلة العد التنازلي في أولويات الأمن القومي العربي و عناوينه بعيدا عن المزاجيات الشخصية و " عناد" صناعة الانتصارعلى مناضد الرمل وفي عقول البسطاء، فلا رابح او خاسر في الحروب طالما اسست لصراع اجتماعي لم تشف منه أوروبا بعد أكثر من نصف قرن و بفلسفة حكم و تكامل اقتصادي غير متحقق في منطقتنا.
ولكي نقترب من مآسي الحالة بشكل أكثر موضوعية فان الكويت و العراق وقعا في فخ " المراهنة الخطأ و الضغينة التاريخية"، وهو ما تكرر على شكل رسائل و مواقف متبادلة داخل و خارج حرب الخليج الأولى ، حيث احترق كل شيء على الأرض دون ان يقتنع صناع القرار ان اللهيب سيبقى تحت الرماد أطول من أعمارهم، و بثمن يفوق موارد النفط و الرمزية المكتسبة، وهو المتحقق حاليا حيث أصيبت الأخوة العراقية الكويتية في الصميم لأن " رداحة " الحروب و بناء قصور الأوهام لعبوا دورهم الى أبعد الحدود، وكم نتذكر جيدا الشحن الاعلامي الكويتي ل"ملحمة "البوابة الشرقية، قبل ان يحولوها الى " حطب جهنم و دعوات هدم بغداد حجرا على حجر"، فيما تغنوا فيها و ببطولات جيشها عندما ربضت طائراتهم و سياراتهم في بغداد أكثر من اقامتها في الكويت، فمتى يفرقون بين عزة بغداد و كره التاريخ!!
وعلى هذا الأساس فان المتورطين بالفتنة لبسوا فقط في الجانب العراقي فهناك اصحاب " المواقف القومية على الرمال الكويتية المتحركة " ما يستدعي اعادة قراءة المشهد ليس طمعا في تصحيح المواقف بل الاستفادة منها لمنع وقوع الكارثة، فما حذرت منه بغداد في " عز عقلانيتها" يحدث اليوم في الكويت و ما حولها، وما غامرت به بغداد في فترة مراهقة سياسييها يساور المواطن الكويتي اليوم، حيث المعارضة تستخدم السلاح للمطالبة بحقوقها و طهران تتسيد المشهد حتى مياه البحر الأبيض المتوسط و ربما اكثر، بينما بات المشروع العربي " نكتىة الموسم" و كأن حدود العرب تراجعت الى ما قبل "سايكس بيكو" التي نقترب من ذكراها المئوية.
ليس هناك من عاقل يجافي حقية الزلزال الذي تتحرك المنطقة بين موجاتها منذ عام 1990 و لحد اليوم، حيث الريبة أخذت مكان الثقة في القاموس العربي الرسمي، و انتقلت السيادة الى مراهنة ايرانية، بحيث تحولت البوابة الشرقية الى قناة لكسب رضا ايران وليس توبيخها على سياسة العبث بالجغرافيا و أواصر الأخوة العربية مثلما يتحقق على الأرض منذ 12 عاما، يوم توهم الأشقاء في الخليج ان انهيار العراق سيحقق لهم الأمن و الاستقرار، بينما وجدوا الخبث الايراني على الأبواب و داخل الغرف المغلقة، و الكشف عن شبكات التجسس هناك يقدم دليلا اضافيا على خطأ المراهنة على فصيلة الدم ولون البشرة الايرانية في السياسة على أقل تقدير!
لا اعتقد ان الأخوة في الكويت أعطوا لأنفسهم فسحة من التفكير لاعادة توجيه البوصلة صوب العراق، و قد أخطأوا الحسابات لذلك نسمع آنينا يقول " وين أيام زمان" وهم في ذلك يميزون بين عقلية الحكم الفوضوي و نسيج التواصل الاجتماعي، علما أن 90% من العراقيين لم يتشمتوا بما وقع لأخوانهم في الكويت لكنهم لا حول لهم ولا قوة، بل و من باب المعرفة بالاشياء فان قيادات في الدولة العراقية رفضت الفكرة أصلا فكان ضحيتها الأولى الفريق الركن عدنان خيرالله و كثير من عقلاء العراق وقتئذ، رغم الاقرار بقضية اخرى هي أن المزايدين في الكويت و القاهرة " دسوا السم القاتل في الصحن العراقي الكويتي" ولم يخافوا غضب الله، الذي تحقق، ونحن هنا ليس في
باب الشماتة أو تقليب المواجع، لأننا خسرنا هيبة العراق و فقدنا أخوة الكويت و العرب!! فهل من عاقل يعيد التمحص بعبقرية الصحراء!! سؤال نسوقه في 2 آب 2014 لكي لا تبقى ابواب الخوف تهدد وجودنا العربي و تبعث النعاس في عيون ايران المتيقظة فقط لايذاء العرب و المسلمين بعيدا عن مباديء الثورة الاسلامية التي أسست لضرب أخوة العرب و المسلمين في الصميم، و ما يجري في العرق اليوم لن يكون بعيدا عن باقي الدول العربية!! فلماذا يعيش البعض على الوهم و ينتظر الفرج من بين الكهوف الايرانية و الأمريكية، العرب أمة و بني فارس مجموعة أقوام! فاين الحكمة سادتي في تغييب الأمة لصالح المجموعات والطوائف المتىخية بقوة السلاح، عكس أخوة عربية فيها كل قيم قيم ومباديء الاسلام بعيدا عن السحر و مكونات " خلطة" الفسنجون!!
مقالات اخرى للكاتب