عندما خيّرت دولة الخلافة الداعشية مسيحيي الموصل وايزيديي سهل نينوى بين الأسلام او القتل, انما كانت تفرض ارادتها الوحيدة عليهم والتي لاتقبل الرفض. ان يكونوا مسلمين وهم صاغرون. وبما ان كل ما قام على باطل فهو باطل, فأن افعال ارهابيو داعش كلها باطل. نستند هنا الى فتاوى وتصريحات وخطب رجال دين مسلمين من مختلف الدول الأسلامية ببطلان دولة الخليفة ابي بكر البغدادي, وتصريحات بعضهم بأنها دولة مارقة, لكنهم لم يفتوا طبعاً ببطلان فرض هذا اللون الظلامي من الأسلام على ابناء المنطقة بمن فيهم المسلمين الآخرين . فتوصيفها هذا لم ينطلق من الفضائع التي ارتكبتها الدولة الأسلامية ضد ابناء المنطقة وبالخصوص ابناء الديانات الأخرى, اهل البلاد الأصليين, ومنها اجبار الناس على تغيير عقائدهم, والا لكانوا قد احتجوا على جرائم منظمة القاعدة الأرهابية والتي لاتقل فضاعة عن جرائم داعش والذي كان البغدادي تلميذاً نجيباً في صفوفها وترعرع في احضانها. ولا لأن امير المؤمنين ينفذ أجندات خارجية مشبوهة مثلاً. ولا لأنه يزعزع الوحدة الأسلامية او على الأقل وحدة أهل السنة والجماعة, بل ان كل اعتراضهم على ابي بكر البغدادي, كانت بسبب اعلانه لدولة الخلافة الأسلامية دون الرجوع اليهم, ثم طلبه البيعة لنفسه كأمير للمؤمنين والغاؤه لسلطاتهم الدينية والدنيوية واحتكاره التحكم برقاب ومصائر الناس, مسلمين وغير مسلمين, بأيديه وحده لا شريك له.
ورغم انحدار فكر داعش الظلامي من الفكر الوهابي السعودي وتطبيقها المبدع لهذا الفكر التكفيري على ارض الواقع, فأن ذلك لم يجنبها الأدانة, بل اعتبر خليفتها ابي بكر البغدادي بين ليلة وضحاها كما الناقة الجرباء, منبوذ, مرفوض. الى حد تأليب امريكا والغرب على دولته والدخول في تحالف عسكري دولي للقضاء عليها, دولة طالما حلموا بقيامها وتوسعها ولكنهم لن يرتضوا لها ان تقوم على ايادي غيرهم فهذا هو الأمر المحال. حتى لو كان خليفتها البغدادي يوماً منهم وبيهم.
ان تمسك رجال الدين المسلمين بمبدأ التكفيرفي عصر حرية الأعتقاد جعلهم يقبلون الأسلمة بالأكراه لنشر الدين وزيادة اعداد مريديه, بأي شكل جاء يجيء. فنحن لم نسمع حتى احتجاجاً او تنديداً, لا من علماء السنة ولا من علماء الشيعة على أسلمة المسيحيين ولا الأيزيديين بحد السيف الذي فرضته داعش.
أن أسلمة الآخر او تكفير المختلف وتنفيذ حد الردة عليه هواسهل الطرق لتثبيت سطوتهم على جموع البسطاء واستمرارها.
ليس صحيحاً بأن هناك من يتربص بالأسلام سوءاً... لأن اكثر من أساء الى الأسلام هم المسلمون ذاتهم, لاسيما بعد كل هذه الفضائع والجرائم التي ارتكبت وترتكب في كل اصقاع المعمورة, مشارقها ومغاربها, تحت راية لا اله الا الله وبصيحة الله اكبر.
لابد من ابراء ذمة ابناء الأديان الأخرى ممن اجبروا على اعتناق الأسلام تحت طائلة الموت من ترديدهم للشهادة, واعتباراجراء داعش هذا لاغياً ولا قيمة له وادانة كل من يجبر الآخرين على دخول الأسلام او اي دين آخراو اعتناق اي عقيدة بالقوة او بالأغراء المادي او العيني قانونياً. ان ذلك يقع على كاهل رجال الدين المتعقلين اولاً. كما ينبغي على منظمات حقوق الأنسان ومراكز الفكر وكل منظمات المجتمع المدني ان تكافح لأضافة فقرة تحرم التكفير لتعميق القوانين الدولية التي تنادي بحرية الأعتقاد والرأي. ان الانتصار على داعش لايمكن ان يتم بالقوة العسكرية فقط بل بمحاربة ايديولوجيا التكفير لها ولأخواتها, فكرياً ومحاصرتها قانونياً وقطع النسغ الأقتصادي الذي يغذيها.
مقالات اخرى للكاتب