تقود الولايات المتحدة الأميركية اليوم، حربا معلنة ضد تنظيم الدولة الاسلامية "داعش"، تلك الحرب التي انضمت اليها ولأول مرة، دول عربية طالما اتهمت بدعم الارهاب، في خطوة ربما تفصح عن جدية غير مسبوقة في الحرب على التطرف الديني في المنطقة.
قد يكون ذلك متوقعا لكن السؤال الذي يطرح نفسه حاليا هو: هل أن الولايات المتحدة كانت بحاجة الى طائرات الأردن ودول الخليج العربي للقضاء على "داعش"؟ أم أن هناك غايات أخرى غير معلنة؟
بالنظر الى القدرة العسكرية الفائقة التي تتمتع بها القوات الأميركية والغربية على حد سواء، فانه لا مجال للحديث عن حاجتها لدعم عسكري عربي! لكنه بات من الواضح حاجتها الى شيء اخر يتمثل بتوفير الغطاء الشرعي "السني" لمثل هذه الحرب.
وهذا ربما يفسر دعوة واشنطن العرب للانخراط في هذا التحالف الدولي، إذ أن مثل هذا الغطاء لا يمكن أن توفره بلدان مثل استراليا وفرنسا وبريطانيا وغيرها مهما بلغت قوتها ونفوذها، بل ان هذا الغطاء سيكون بيد الدول المنتسبة الى المذهب السني، كون الحرب ضد تنظيم سني متشدد تتطلب قاعدة شعبية للقضاء عليه، وبخلاف ذلك فان تلك الحرب لا يمكنها ان تنجح.
لقد بدأت الحرب السنية ضد داعش فعلا من العراق وسورية، بفعل النشاط المضاد لعشائر الأنبار والفصائل السنية الاخرى في العراق، والجيش الحر في سورية، وأن الدول العربية السنية (السعودية والامارات والاردن وقطر والبحرين وربما غيرها) تمتلك حواضن لمثل تلك التنظيمات المتشددة، لذا فانها ستقوم بملاحقة خلاياها النائمة خوفا من قيامها باي رد فعل انتقامي قد يضر بأمن الدولة.
ومن هنا فان الحرب على ذلك التنظيم ستكون شاملة، وانها أخذت تنتقل من ضرب المواقع العسكرية لداعش في العراق وسورية، الى تفكيك الخلايا النائمة في الدول المجاورة، وحتى تجفيف الموارد المالية لها، وهو ما تعهدت به الدول المشبوهة بدعم التنظيم وفي مقدمتها تركيا المتهمة بتهريب النفط العراقي والسوري لصالح التنظيم!
قد يلقي هذا الامر الضوء على سر استبعاد ايران الشيعية وسورية العلوية من التحالف الدولي بشكل علني على الأقل، لئلا يثير حفيظة الدول والتكتلات السنية التي تشعر بالخوف من نوايا طهران، خصوصا مع خشية الاخيرة من تمدد الحرب ضد داعش وتعديها الى أهداف أخرى من بينها اسقاط نظام الأسد.
ربما سيكون العضو غير السني الوحيد من دول المنطقة الداخلة في هذا التحالف، هو الحكومة العراقية ذات التمثيل العريض لكل أطياف الشعب (شيعة، سنة، اكراد ووو)، والتي لم تنجح لحد الان في صد الهجمات الدموية لعناصر التنظيم، الا أنها بدت متفائلة بالخلاص من هذا الكابوس، وعدم تكرار مأساة "الصقلاوية" التي راح ضحيتها مئات الجنود الأبرياء، في وقت لم يستفق العراق بعد من صدمة حادثة "سبايكر".
سؤال أخير: هل ستتمكن الحكومة العراقية من استثمار هذا الحشد الدولي والاقليمي، لاشاعة الامن والسلم الاهلي في صفوف شعبها ام أنها ستخفق كسابقتها في اضاعة الملفات من بين يديها الواحد تلو الآخر؟
مقالات اخرى للكاتب