م يخطر ببالي أن أرى محافظ بغداد فرحا الى هذا الحد الذي رأيته فيه قبل سنتين تقريبا وهو يتطلع باطمئنان ورضا تامين الى منجزاته "الشكلية!" المعروضة في جناح خاص داخل معرض بغداد الدولي، والتي لم تخرج الى الواقع إطلاقا حتى اللحظة، لقد كان محاطا بحمايته ومصوره الشخصي الذي يحمل كامرتين "فيديو" و"فوتو"، ويوثق اللحظات النادرة لتلك السعادة البلهاء. لقد أنهى مجلس محافظة بغداد ولايته دون منجز يذكر! على الرغم من مرور 4 أعوام كاملة واستقرار ملحوظ عقب هيمنة ائتلاف دولة القانون على معظم مقاعده، ما يسد الطريق على السيد المحافظ أمام سوقه أي تبرير للفشل، في ظل انعدام أي معارضة داخل المجلس، إذ لم يتضح شيء من معالم ولاية المحافظ أو أعضاء المجلس "الموقرين" بفعل الاهمال المتعمد أو غير المتعمد لضواحي العاصمة، وإلغاء كل المشاريع التي أعلنها المحافظ في لحظة زهو فارغ. لقد مرت، عدة سنوات (مثلا) على إعلان المحافظ إنشاء برجين على ضفاف نهر دجلة، إلا أنه أنهى المشروع مؤخرا بحجة عدم تمويله من قبل الدولة! أليس عجيبا حقا أن يستنزف محافظ ما، خزينة محافظته بالانفاق على تصميم مشروع كهذا، فضلا عن غيره من المشاريع السكنية والتجارية والعمرانية "الخيالية"، من دون التأكد من إمكانية إنشائها؟
خذ مثلا آخر "مترو بغداد" المشروع الذي كلف المحافظة أموال إيفاد السادة الأعضاء الى باريس، ورصدت لتصميمه مبالغ طائلة، ها هو يرزح مثل أي "تصميم" آخر تحت غبار المشاريع "اللا واقعية". بعد كل ذلك.. يطل علينا السيد المحافظ اليوم، بصوره في شوارع العاصمة وهو يحمل الرقم 1 في ذات القائمة التي تحمل شعار "العزم والبناء!" متجليا في أحوال وأشكال مختلفة، فتارة يظهر بمظهر العطوف ذي الشفقة وهو يتصدق على امرأة عجوز، متجاهلا تعاليم الاسلام الصريحة التي يعتمدها "حزبه" بضرورة دفع الصدقة سرا! وتارة يظهر بابتسامة واثقة، تنكأ جراح أبناء الضواحي الفقيرة من الخدمات. الأمر حقا يستدعي أكثر من وقفة، فأنا لا أفهم ماذا يعني شعار "العزم" و"البناء" الذي يرفعه السيد المحافظ! إذ أننا وبجردة حساب بسيطة للسنوات التي تولى فيها منصبه، تأكد لنا فشله في وضع طابوقة واحدة في المشاريع التي "دوّخ" وسائل الاعلام بها قبل سنوات، ناهيك عن تطبيق شعار كبير هو بناء العاصمة وضواحيها!
ثم عن أي عزم يتحدث السيد المحافظ؟ فهو لم يظهر عزما يذكر تجاه ملف الاعمار والاستثمار وتطوير مرافق الحياة في ضواحي العاصمة المغضوب عليها، ولا في مجال متابعة ملفات الفساد التي تضيق بها أدراج المحافظة وأمانة بغداد، ولم يظهر عزما بخصوص المخالفين في الشوارع، والمتجاوزين على الأرصفة والمال العام. نعم هناك "عزم" وحيد أظهره وهو غلق النوادي الاجتماعية، ومن بينها نادي اتحاد الأدباء الذي لم يشفع له تاريخه الثقافي الكبير، في ايقاف عجلة "العزم" المؤطر بنزعة ديماغوجية بليدة، والتي لولا صرخات وسائل الاعلام وصيحات المثقفين لما تمت اعادة افتتاحه مطلقا. ختاما أؤكد جهلي بجوابين لسؤالين أتمنى على القارئ الكريم إرشادي لهما، الأول لماذا يصر زعيم قائمة "العزم والبناء" على أن تعتلي عرش قائمته وجوه محترقة؟! والثاني بماذا أفسر المواقف المزدوجة لبعض الصحف التي رفعت لواء المناهضة لتلك الوجوه ودعت الى الاعتصام بباب المحافظة سابقا، ولما تم التلويح لها بأموال الدعاية الانتخابية "سخّمت" صفحاتها بدخان المحترقين.
مقالات اخرى للكاتب