من الواضح أن تطور المجتمع الدولي على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، واستقلال العديد من دول العالم، وظهور العديد من المنظمات الدولية التي لعبت دوراً مهماً على المستوي الدولي إلى تشعب العلاقات الدولية وتطورها، الأمر الذي كشف بوضوح عن قصور قواعد القانون الدولي وعدم مقدرتها على مواكبة هذا التطور، فلم تعد المصادر التقليدية للقانون الدولي والمتمثلة بالمعاهدات الدولية والعرف الدولي تكفي وحدها لسد هذا القصور، وبالتالي لتسوية المنازعات الدولية التي طرأت على الساحة الدولية، ولهذا نجد ان العلاقات الدولية هي علاقات مصالح لااكثر ولا اقل ولناخذ العلاقات الامريكية مع دول العالم مثالا على ذلك حيث غالبا ما نرى ان الولايات المتحدة الامريكية بعدم رضاها عن العرب بصفة خاصة و
المسلمين بصفة عامة وهذه ألسمه الغالبة التي تظهر من التعامل الأمريكي في كل القضايا التي تعج بها الساحة السياسية في العالمين العربي والإسلامي حاليا، فلم تعد ترضى بأي حال يكون عليه العرب والمسلمون ما لم يكن ذلك يرضي الصهاينة في تل أبيب وهذا ناتج عن غرورها وسيطرتها التي تستمدها من قوتها العسكرية هذه القوة التي انكسرت في العراق وهربت منهوكة متعبة تجر أذيال الخيبة والانكسار، كما أنها تربط الرضا عن أي دولة بمدى ما يتحقق" لإسرائيل" من منافع أو يدفع عنها من مضار، فهذا الرضا يأتي تبعا لرضا الصهاينة في تل أبيب، والعكس كذلك، فالغضب الأمريكي لايصل إلى حد الهيجان والتشنج إلا إذا كانت" إسرائيل" متضررة أو موجه لها اتهام، بالرغم من أنها لم تتضرر، ولن تتهم على مدى عقود من الزمن، لان من يقود مجلس الأمن والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية ، وبيده قرارات الإدانة هي أمريكا نفسها. إن أمريكا من خلال ممارستها لسياسة عرض القوة وفرض الأمر الواقع فإنها تريد إفساداً في البلدان وتسمي ذلك الإفساد إصلاحاً، وتريد خنوعاً وذلة وركوعاً من الشعوب تحت مسمى التعاون على مكافحة الإرهاب في حين انها هي من تدعم الإرهاب ماديا ومعنويا وتقوم بأعمال إرهابية هنا وهناك ولهذا نرى ان السيد المالكي يطالب امريكا من خلال زيارته الاخيرة بشن حرب عالمية ثالثة على الارهاب..!! ، في حين ان امريكا تريد ابتزازاً لحريات العالم وانسلاخ الشعوب من عقائدها وعاداتها وتقاليدها بذريعة متغيرات العصر وتطوره، لو كانت أمريكا تريد مجرد تعايش الشعوب في سلم وأمان وتحرير الاقتصاد وتحقيق المصالح المشتركة لما قامت بنشر الذعر والفوضى بحجج واهية ومبررات غير صحيحة لا تستند إلى واقع ولا ترتكن إلى دليل .أمريكا تريد استعماراً اقتصادياً وفكرياً تريد نشر النموذج والنمط المعيشي والأخلاقي الأمريكي بل والعقائدي وفرض ذلك على جميع الشعوب العربية و الإسلامية بالذات لكونها أسهل وأضعف، وانظروا إلى خلافها مع كوريا وإيران وكيف تتعامل مع الحالتين ثم أن سكوتها عن الترسانة النووية "الإسرائيلية "لدليل واضح وصادق على عدم مصداقيتها ونزاهة توجهاتها، ورغبتها في تحقيق السلام العالمي وخلو العالم من أسلحة الدمار الشامل، أنظروا إلى تهديدها لسوريا والسودان وبعض الدول الأخرى واتخاذ بعض القضايا كذريعة للتدخل العسكري كما حصل في العراق وليبيا، والسعي بكل قوة إلى فرض المقاطعة الدولية من خلال استصدار قرارات من مجلس الأمن جائرة وتفتقر لأبسط القواعد والقيم الإنسانية.
إن إصرارها مثلاً على عدم تعريف الإرهاب ووضع مفهوم عام للإرهاب يكون معلوماً للعالم أجمع، يعتبر مؤشراً على ما تبطنه من نوايا غير حسنة، وأهداف غير نبيلة، وتوجهات غير مأمونة العواقب للشعوب العربية والإسلامية، بحيث تكيف أفعالها وأفعال" إسرائيل "وفقاُ لما تريد، وتصف الأشياء بما يتفق وخططها، فتجعل الدفاع عن النفس ومقاومة الاحتلال صورة من صور الإرهاب، وتصف من يتفق مع سياستها وتوجهاتها بالمارقين ومحاور الشرّ إلى غير ذلك من المسميات، تدعم المعارضين وتحتويهم لتتخذهم جسوراً تعبر عليها إلى أهدافها، وأوراقاً تلعب بهم وتضغط بهم على حكومات الدول التي ينتسبون إليها، حتى تلوي عنق الحق وتقصم ظهر قيمة الحرية، وتتخذ من هؤلاء الأقزام المارقين - ممن ينعتون أنفسهم بالمعارضين - المتسكعين في عواصم الغرب فتتخذ منهم ذريعة لوصف حكوماتهم بالدكتاتورية، ولا ندري أن كان هناك ديكتاتورية أكثر مما فعله بوش باحتلال العراق وأفغانستان وتسببه بمقتل الملايين من البشر وتدمير كل ماله علاقة بالحضارة والتاريخ والقيم والمبادئ رغم معارضة العالم بل ومعارضة العقلاء في أمريكا نفسها .
إن كل منصف عاقل يتمنى أن تتفهم أمريكا مطالب الشعوب العربية والإسلامية وتستجيب لنداء العقل الذي تصدح به الشعوب منذ زمن، بأن تسود العدالة والمساواة والحرية دول العالم أجمع، مما يستدعي أن تكون أمريكا عادلة في مطالبها ونظرتها، وأن تحترم المبادئ والقوانين والأعراف الدولية، وفوق ذلك تكون عادلة في تعاملها مع جميع الدول، وحين تبدأ بمحاربة وإصلاح الفكر الدموي الإرهابي الذي تتزعمه" إسرائيل"، وتتخلى عن الدفاع عن "إسرائيل" هذا الكيان المسخ وعن حكام جائرين قتلة و فاسدين فإنه حينئذ يمكن لأمريكا أن تصدح بمطالبها في الحرية والعدالة والديمقراطية، فقد يكون لذلك حينئذ صدى لدى الناس ، أما إن تغض الطرف عن" إسرائيل "بل تدعمها بدون تحفظ فإن ذلك يهدر مصداقيتها وينال من موثوقية توجهاتها .فما ترتكبه "إسرائيل "من إرهاب معروف المصدر بينما حوادث الإرهاب الأخرى التي تقع يكون مصدرها غالباً غير معروف، فلماذا تسعى أمريكا لمحاربة مجرم غير معروف وترك مجرم معروف يعيث في الأرض فساداً بل وتحميه وتدعمه؟.ّ! الجواب معروف ولكن واشنطن لا تريد سماعه .طالما أن الإدارة الأمريكية تقع تحت قبضة الصهاينة. وعنجهية القوة العسكرية العظمى.!!َ
إن مشكلة عالمنا العربي مع الآخرين تتمثل في حجم الثقافة العربية واعتبارها قاصرة وساذجة.. وغير قادرة على التقييم والفهم المتمكن لأبعاد ما يقرره ويراه الآخر. في حين أن الواقع يقول : إن مجتمعنا العربي هو أكثر اﻟﻤﺠتمعات الدولية التي تعرضت للكثير من الأزمات وتشبعت بالمؤامرات الخارجية.. وصنعت معاناتها أجيالاً من المثقفين والعلماء والسياسيين.. والفقراء.. واﻟﻤﺠانين أيضاً. ولكنهم جميعهم أصبحوا يدركون أنهم كانوا ومازالوا ضحايا الأطماع والحروب المستوردة وهيمنة الأقوياء
من دعاة العدل الملفوف بالأكفان العربية في زفة الموت..!!