لا نشك في النوايا الصادقة لآي مؤتمر للحوار بين الاديان والطوائف او الاحزاب او للمصالحة الوطنية, وليس بودنا اجهاض اي مبادرة من هذا النوع فالخروج من وحول الازمات التي نعاني منها تقتضي حتماً ايجاد مخارج واقتراح حلول تقضي على الدوامة.
ولكن يبقى السؤال ما مصير عشرات المؤتمرات التي انعقدت على الارض العراقية وصدرت عنها توصيات وقرارات انتهكت قبل ان يجف حبرها وعادت الاطراف المتشاركة لتصبح متشاحنة ومتناحرة, وما فائدة كل هذا الكم الهائل من الخطابات والشعارات التي تعوًم في الهواء و تتحول في النهاية الى خطاب اعلامي شعاراتي سطحي لا يجد له وقعاً على الارض.
والدليل ان الدين ما زال اسيراً لمزاج وفكر بعض رجال الدين الذين لا يقرأون الا الماضي بكل تقيحاته وتأويلاته وتفسيراته الذاتية الانانية التي تكاد تغرق اصالة النص الاصلي لتفقده كل ماله من قوة وتأثير وفاعلية.
الم يصبح الدين الاسلامي متوزعاً على ضفتين متوازيتين هما السنة والشيعة؟
فهل يستطيع القيمون على الطائفتين عقد مؤتمر لحوار الاديان وهم عاجزون عن صياغة المشتركات بين الدين الواحد بطائفتيه الرئيسيتين ؟ وما مصير كل الاديان الاخرى المسيحية والصابئية والايزيدية في العراق ؟
انها تتراوح بين القتل والتنكيل والاغتصاب والتنكر على يد الارهابيين من (داعش) والقاعدة وكل التكفيريين الظلاميين, وبينهم من هو متواطئ مع الارهاب دون سابق قصد ونية, ونعني المئات من رجال الدين الذين مازالوا يحذروننا من التعامل مع الاديان الاخرى بذريعة التجنب او التخوين او التكفير او الردة او الاشراك ناسين او متناسين ان القاعدة الاصلية تقول ان "لا اكراه في الدين ", وفعل النص القرآني, ومتجاهلين مبدأ حرية العقيدة والدين الوارد في لائحة حقوق الانسان المصادق عليها من قبل العراق, ناهيك ان اي انتقاص من اية عقيدة عراقية يتنافى ومبدأ المواطنة والمساواة امام القانون.
الواقع العراقي يقول اننا لسنا بحاجة لمؤتمرات ومهرجانات وشعارات وخطابات وظهور اعلامي وبهرجة كلامية, الحقيقة ببساطة تستوجب ان نلتقي كعراقيين جميعا على بساط الارض العراقية وفق سياق حوار الانسان العراقي مع الانسان العراقي الاخر على قاعدة الدولة المدنية الديمقراطية الملتزمة بالمواثيق الدولية دون تحفظات تفرغها من محتواها, دولة تنضم للأسرة الدولية تأخذ مالها وتعطي ما عليها دون تحجج بيافطة العادات والتقاليد وتفسيرات لنصوص دينية لا صلة لها بالقرن الحادي والعشرين .
هذا ما فعلته كل الدول في العالم بعد حربين عالميتين كاريثيتين ونجحت تجاربها حين حددت وظيفة الدين ووظيفة الدولة. وحين قدست كل الاديان صغيرها وكبيرها وحصرت مصطلح الاغلبية والاقلية فقط في البرلمان اثناء التصويت على قانون ما. اما داخل المجتمع فكل العقائد والاديان والطوائف متساوية في حزمة الحقوق والواجبات .
اذن نحن بحاجة الى دولة قانون ولسنا بحاجة الى مؤتمرات يكون حصادها الاعلامي من تقارير وصور وتعليقات هو هدفها الوحيد
مقالات اخرى للكاتب