فجرّ الأرهابيون مقهاه الذي يمثل أشهر عنوان ثقافي في بغداد والعراق وفقد في التفجير الأجرامي خمسة من أولاده ، ورحلت زوجته العزيزة حزناً وألماً ومؤخراً أختطف سماسرة النصب والأحتيال أبنه الوحيد الباقي على قيد الحياة ولم يعد الى أحضانه الا بعد دفع فدية بـمبلغ (60) ألف دولار فأصبح في وضع لا يحسد عليه.
أنه محمد الخشالي صاحب مقهى الشابندر الذي ما زال محتفظاً بأبتسامته العريضة وهو يستقبل يومياً، ولا سيما أيام الجمع، العشرات من المثقفين الكتاب والشعراء والمفكرين والفنانين النساء والرجال في مقهى هو في الواقع مركز ثقافي عريق ومكان للتعارف والتواصل والكتابة والنقاشات الفكرية والسياسية وتبادل الكتب والاصدارات.
كلما التقيته صباح ايام الجمع أجده في قمة العطاء والأمل والتفاؤل، لا يشتكي ولا يحزن ولا يمل من الحياة .
محمد الخشالي عراقي بفكره وأقواله وملامحه وسلوكه وصفاء سريرتهِ ونقاء نيتهِ لا يعبأ بالمال فثروته معنوية وأعتبارية.
وفي يوم الجمعة 12/12/2014 بادرته بالقول أنه يستحق تمثالاً في شارع المتنبي الرئة التي تتنفس فيها الثقافة العراقية بأجلى صورهن.
مؤخراً أقدم على أنشاء مكتبة في المقهى لتوسيع أطار المطالعة والقراءة فكان أن زودناه بعدد كبير من الكتب ومنها كتب مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية /2013.
والجميل في هذا المقهى أنه المكان الوحيد في بغداد الذي تجلس فيه النساء المثقفات دون حرج لمشاركة الرجال النقاش والحوار والاستمتاع بمنظر شارع المتنبي المزدحم بالمثقفين وبأكشاك الكتب والمجلات في كل مجالات المعرفة ودائماً هناك أحدث وأندر الأصدارات.
محمد الخشالي ومقهاه وزبائنهِ وطريقة تعامله وتواصله مع الأخرين رغم كل أحزانهِ الشخصية نموذج يقتدى للأنسان المكرس للأخرين كجسر تواصل.
والى ذلك فهو منفتح على كل المكونات العراقية فالشاب الكوردي القادم من أربيل موجود دائماً الى صفه والزبائن من كل التنويعات العراقية، أما أقداح الشاي والحامض وقناني الماء وأحياناً فناجين القهوة فهي تدور على الجميع بأسعار رخيصة لا تثقل كاهل وجيب أي مواطن.
مقهى الشابندر باب مشروع ونافذة للهواء الطلق ورئة صحية يتنفس من خلالها الجميع في وطن صارت الأماكن فيها خراب وحرائق ودخان بفعل الأرهاب الأسود، دعونا ننحني أكراماً لهذا الرجل الجميل والمثقف محمد الخشالي .
مقالات اخرى للكاتب