الازمة المتصاعدة بين تركيا وروسيا بعد اسقاط الطائرة الروسية سوخوي 24 الثلاثاء 24 تشرين الثاني 2015 من قبل تركيا ومقتل احد طياريها ،يعيد الى الاذهان أزمة مماثلة بين البلدين عندما أسقطت روسيا طائرة استطلاع تركية عام 1976 بعد اختراقها المجال الجوي الروسي، وفي 22 حزيران عام 2012 اسقطت طائرة استطلاع تركية في المجال الجوي الدولي فوق البحر المتوسط بصاروخ روسي وقتل طيارين تركيين في الحادث .
الازمة بين البلدين لاتزال مستمرة وتوترت العلاقات بدرجة كبيرة ،حيث ردت روسيا بفرض عقوبات اقتصادية قاسية على تركيا ، واوقفت جميع صادراتها منها ومنعت 4 ملايين سائح روسي من التوجه الى المناطق السياحية التركية ، وفرضت تاشيرات الدخول على الاتراك الذين يرغبون زيارة روسيا ، وغيرها من الاجراءات الاخرى ، وتوترت العلاقات مرة اخرى بين البلدين بعد ان خرقت طائرة روسية نوع سوخوي 34 الاجواء التركية مساء الجمعة 29 كانون الثاني 2016 وعلى اثر ذلك استدعت وزارة الخارجية التركية السفير الروسي في انقره لتبليغه احتجاجاً حول انتهاك مجالها الجوي من قبل طائرة روسية في منطقة غازي عنتاب المحاذية للحدود السورية لاكثر من 25 ثانية وهي ضعف المدة التي خرقت فيها الطائرة سو خوي 24 التي اسقطتها المقاتلات التركية وابلغت وزارة الخارجية التركية السفير الروسي بان تحذيرات باللغتين الانكليزية والروسية وجهت الى طيار المقاتلة الروسية سو خوي 34 الى انه لم يكترث.
هذه المرة اكتفت تركيا بتوجيه احتجاج عن طريق الدبلوماسية ولم تقدم على اسقاط الطائرة الروسية لعدم رغبة انقرة في تصعيد الازمة بين البلدين اكثر من الوضع الحالي ، وانها تخشى المواجهة مع روسيا بعد نشرها منظومة صواريخ S-400ونشر الطراد العملاق (موسكو) قبالة سواحل اللاذقية وهذه المنظومة تستهدف اي هدف جوي يخترق المجال الجوي السوري مما يؤدي قيام روسيا بعمل انتقامي واسقاط طائرة تركية بعد ان ادركت تركيا انها لاتكون السبب في حصول مواجهة بينها وبين روسيا مرة اخرى، في وقت يتصاعد فيه التعاون السياسي بين واشنطن وموسكو للتوصل الى حل سياسي للازمة السورية .
ان الطائرة التي خرقت الاجواء التركية هي من نوع سوخوي 34 وهي تختلف عن الطائرة سوخوي 24 التي اسقطتها تركيا حيث تتمتع بمواصفات ومزايا متطورة فهي مقاتلة وقاذفة قنابل وتستطيع معالجة جميع الاهداف بدقة عالية جدا لتزويدها بمنظومات توجيه حديثة ، وفي المقابل يسعى الرئيس التركي لانهاء الخلافات الروسية التركية حيث صرح قبيل زيارته الى امريكا اللاتينية انه جدد الطلب بلقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاجراء مباحثات ونزع فتيل الازمة بين البلدين لكنه لم يتلق اي رد من الرئيس الروسي، وهذه هي المرة الثانية التي يتقدم بها الرئيس التركي اردوغان للقاء الرئيس الروسي حيث سبق وان طلب لقاء بوتين على هامش قمة المناخ التي عقدت في باريس اواخر عام 2015 ولم يفلح .
ويشير المراقبون ان الرئيس الروسي يتحين الفرصة للقيام بعمل انتقامي رداً على الاهانة التي وجهت اليه ولبلاده باسقاط المقاتلات التركية للطائرة الروسية سو خوي 24 وقتل احد طياريها على يد مليشيات تركمانية مدعومة من تركيا ، من جانبه يريد اردوغان تجنب مواجهة مع روسيا غير مظمونة النتائج وغير متكافئة في وقت لم يحصل على ضمانات من حلف الناتو تدعم توجهاته بالتصدي للدب الروسي حيث يعلم الناتو جيداً ان بوتين يختلف عن رؤساء روسيا الذين سبقوه .
اتسمت تصرفات اوردوغان هذه المرة بالحكمة لتقديره الموقف جيداً في ظل تقارب روسي امريكي يتازمن مع انعقاد مؤتمر جنيف 3 في سويسرا لحل الازمة السورية ، وهذا التصرف قد يدفع انصار اوردوغان الى توجيه انتقادات له واصفيه بالمتردد او الخائف وربما يشجع الروس مرة اخرى باختراق الاجواء التركية لمرات قادمة وبعمق اكثر ، يسود الاعتقاد في الاوساط السياسية والعسكرية التركية ان روسيا تخطط لاسقاط طائرة حربية تركية في الاجواء السورية في خطوة انتقامية رداً على اسقاط طائرتها.
مقالات اخرى للكاتب