يقال : يُقرأ الكتاب من عنوانه (موضوعه) ، والقول صحيح إلى حَدًّ ما . ولكن لايكفي العنوان لوحده ، أن يكون عامل جذب للقارئ . نضيف عاملاً آخر ، قد يكون مهماً ، وهو : إسم المؤلف . لأن المؤلف المشهور يصطاد القراء . لكن هناك رأي مثير ، يقلل من أهمية إسم المؤلف في شيوع الكتاب أو إنحساره . إذ يقولُ معنيون : إن الذي يشتري كتاباً لان مؤلفه مشهور ، يشبه الذي يشتري ثوباً لا يناسبه ، لكنه من خياطة خيّاط مشهور ؟ ! .
على أية حال ، تبقى هذه وجهة نظر نحترمها ..
ويأتي عامل ثالث في العلاقة بين الكتاب والقارئ . ونعني به : غلاف الكتاب . فكلما كان الغلاف جذاباً ومثيراً ، فانه يقيم جسراً بين الكتاب والقارئ . ونقصد : الغلاف تصميماً وطباعة . واسمحوا لي أن أروي المعلومة التالية : عام 1990 ، صدر لي كتــاب حمل عنوان : (كانت لنا أيّام في الريف) . صمم غلافه الرسّام والصحفي عبد الكريم سعدون . كان غلافاً مثيراً : مضيف ودلال قهوة وموقد نار مشع / ومجموعة ريفيين يحيطون بالدلال والموقد .
ذات مرة ، كنتُ في زيارة المكتبة العالمية بالباب الشرقي ، ولقاء صاحبها الكاتب البصري جاسم مطير . وكان بصحبتي الباحث حميد المطبعي . كان ذلك في نيسان 1991 . هُنا جاء رجل بدوي يعتمر العقال والكوفية المنقطة . تصفح كتابي واشتراه . فرحتُ . بادر المطبعي ليسأل المشتري (البدوي) : لماذا اشترى الكتاب ؟ . أما أنا فقد ضربتُ أخماساً بأسداس . فاجأنا المشتري بالقول : أنا بدوي كما ترون . المضيف والنار أعجبتني . وكذلك الدلال (دلال القهوة) . هذا ما دفعني لشراء الكتاب . هذا البدوي على بساطته ، عبر عن دور الغلاف في جذب واصطياد القارئ .
لكن الغلاف ، وهو عامل جذب مهم ، يرتكز على فكرته التصميمية أولاً ، وعلى التنفيذ ثانياً ، وعلى الطباعة ثالثاً . فبين مضمون الكتاب والفكرة التصميمية علاقة تفاعلية . وكان ذلك مثار نقاش مع المصمم الشاب ظافر حسين ، دون شك هناك مصممون عراقيون للاغلفة ، جيدون . وعلى سلم الطموح المشروع ، يصعد عراقيون شباب ، أبدعوا في ساحة تصميم الاغلفة . وهم مصممون يطورون مؤهلاتهم باستمرار .
ومع أصدقاء لبنانيين ، عملتُ موزرعاً لمنشورات الدار التي يمتلكونها . إنهم (آل شبارو) ، أصحاب (الدار العربية للعلوم – ناشرون) . ربطتني بهم علاقات محبة وثقة واحترام متبادل . إعتمدوني موزعاً في العراق ، لكن هذا (الاعتماد) تعثر بسبب تدهور الاوضاع الأمنية في العراق . لكني بقيتُ على صلة بهم . نشروا وصمموا غلاف كتابي (موضوعات في الكتابة) . أبدع مصممهم في (صنع) غلاف كتابي . وعندما رجوتُهم بتصميم غلاف الطبعة الثانية من كتابي (على ضفاف الكتابة والحياة ..) ، لم أوفق بذلك . وأترك التفصيل لأني كلفتُ مصمماً عراقياً ، وأبدع ظافر بالتصميم .. .
ويطول حديث الكتب واغلفتها
مقالات اخرى للكاتب