الرئاسة مهما كان نوعها درجة وظيفية , وكأي وظيفة في الدولة , يكون القائم بها مسؤولا عما يقوم به ويقرره , ويخضع للمساءلة والمحاسبة والمثول أمام البرلمان.
فالديمقراطية لا تعرف إحتكار القوة وإمتلاك السلطة.
فلا يمتلك السلطة إلا الشعب.
ولا يقرر إلا الشعب , عبر ممثليه ونوابه , والمعبرين عن صوته وإرادته.
فالديمقراطية في جوهر مبادئها , وأصولها , أنها تحافظ على عدم إحتكار القوة من أي جهة و فئة
وفرد أو حزب.
ولهذا تتوزع السلطات في الدول الديمقراطية , بنسب تتفق وإرادة المصلحة الوطنية.
فالرئيس لا يمتلك صلاحيات مطلقة , ولا المجالس البرلمانية.
وإنما الصلاحيات متوازنة , ومكملة لبعضها البعض.
وكلما إزدادت نسبة التوافق في التصويت على أي قرار , يكون الرئيس صاحب قدرة أكبر في إتخاذ القرار.
أما إذا لم يتحقق ذلك , فأنه يكون مرهونا بإرادة التوازنات القائمة.
وفي مجتمعاتنا , لا زلنا ندين بعقلية الرئيس.
أو نميل إلى صناعة الفرد , الذي يمتلك القوة وإتخاذ القرارات , فتتجمع عنده كافة الصلاحيات والسلطات , فيكون صاحب القوة المطلقة.
وقد أصيب المجتمع بالإنتكاسات والتداعيات المتلاحقة , بسبب التأكيد على الفردية والفئوية المطلقة , وغيرها من مراكز إمتلاك الإقتدار المطلق , الذي لا يستند إلى شرعية قانونية أو جماهيرية أو وطنية.
إن عقلية الرئيس هي التي ستقضي على أي إتجاه ديمقراطي , وستحطم الوجود في البلد الذي تتمكن فيه.
ولكي تتحقق التجربة الديمقراطية النافعة , لا بد من النظر إلى صلاحيات الرئيس بعيون أخرى , وأن يكون دور ممثلي الشعب هو الحد من هذه الصلاحيات , وتطويع منصب الرئيس لكي يكون خدميا وتوافقيا , ويسعى إلى تحقيق التوازن ما بين السلطات الثلاث , لكي تنجح المناهج الديمقراطية , ويدرك المجتمع أهمية وضرورة تبادل الأدوار والسلطات في الدولة , وفقا لفعل القوة الحاكمة بإرادة جماهيرية خاضعة للمراقبة والمتابعة من قبل القوة الوطنية المعارضة الأخرى.
وبهذا تصنع المجتمعات البهجة الديمقراطية والمستقبل السعيد!!
مقالات اخرى للكاتب