ليس غريبًا على الله سبحاىه وتعالى أنْ يخوضَ في حوارٍ مع عصاةِ أمرهِ , على الرُغم من قدرتهِ الكبيرة على بطشهمِ بأمرٍ واحدٍ كلمحِ البصرِ؛ ولكن لاسباب تتعلق برأفته ورحمته وحكمته جلّ جلاله ,نسب الى نفسه الحوار اولا{قَالَ ياإبليس مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ العالين}. ومن ثم العقاب...وكذلك الامر نسبة الى أشهر رموز الطغيان فرعون الفاسق ,فقد وصفه الله سبحانه وتعالى , بأنه طغى..وهذا قرار ووصف رباني عظيم من حيث بيان ماهية فرعون في التاريخ ورمزيته...ومع ذالك فان فرعون قد قبل الحوار مع موسى عليه السلام , الذي قاد ثورة علنية ضد فرعون.{قال فرعون وما ربّ العالمين 23 قال رب السموات والارض وما بينهما ان كنتم موقنين }....
وأمثلة كثيرة مستوحاة من التاريخ العربي والاسلامي القديم والحديث..حول أمكانية الحوار والاستماع للاخر, كفرد أو مجموعة, وفي العصر الحديث ساس الشعوب في منطقتنا بعض الساسة من العرب والمسلمين , ولاسيما العسكر منهم وغير العسكر, ومصيبتنا الكبرى أن جل هؤلاء الذين حكموا أو مازالوا في سدة الحكم قد توهموا بأنهم حكماء وقادة لن يتكرروا في التاريخ وأجدادهم وورثتهم يحملون الصفات القيادية نفسها ؛ لذا هم مؤهلون بالفطرة لقيادة هذه الامة الى الهلاك طبعا وخراب ابدي ولاشك في ذالك....
أما الحديث عن كيفية استماع هؤلاء القادة لاصوات الشعب ,الشعب كأفراد ومجاميع , فيعد من الغرائب والعجائب التي تخطت الحوار ومحاولة فهم الاخر على الاقل ..فهم لايكادون يفقهون قولا, وكل ما مر عليهم حديث مختلف في الرأي او التوجه ..نسبوه الى مقولات عجيبة غريبة , ومن بينها..الغوغاء لصدام المقبور والجرذان للقذافي المكرود....ومؤامرة خارجية ومؤامرة داخلية وهكذا , أما في دول الامراء والملوك العربية ,فلا رأي أومعارضة ولاهم يحزنون , لان السياف بجوار الباب يطبق علينا حد الشريعة وقول الفقيه المتفيقه ,المتنعم بأموال المسلمين الفقراء سرا وعلانية !!! والمؤلم في الامر بأن هؤلاء الدكتاتوريات الورقية لاتستطيع ان تفهم صوت الشعب ؛ ويأخذها العُجب , فتبدأ تتأول ثم تتمنطق ثم تحسب أولئك من رعاع الناس لايستطيعون فهم فكر القائد الضرورة!!! وهم من السذج الذين خدعهم موقع التواصل الاجتماعي !!!! وهكذا تخوض منطقة الشرق والشرق الاوسط هذه التجربة المريرة.منذ أكثر من خمسين عاما.ولا استثناء ولاميزة لحاكم على أخر..... ففهمَ صوت الشعب على قلة عدده أو كثرتها مستعصي عندهم..على الرغم من تجارب التاريخ والتي لم ترحم كل الطغاة ,الذين ذهبوا الى مزبلة التاريخ , قديهم وحديثهم...حيث قانون العدالة الالهية وطبيعة الحياة الدنيوية.. السؤال الذي لازمني كثيرا هو ان الله سبحانه وتعالى وصف فرعون بأنه طغى ومع ذالك رضي فرعون بالحوار أولا مع موسى عليه السلام ..فكيف يصف القران الكريم هؤلاء القادة على شعوبهم والنعاج عند سيدهم... بماذا سيصفهم لو قدر للعقل ان يتخيل ذلك... صوت الشعب ليس صعبا فهمه, شريطة ان يفهم المسؤول نفسه أولا , وأن يستذكر نهاية الطغاة ثانية , وأن يدرك أن الامر زائل لامحال والحساب قادم ولا جدال في ذالك.والايام دول بين الناس , قد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لاحياة لمن تنادي.