لقد اصبح العراق معروفا لكل شعوب الارض، حتى تلك الشعوب التي تسكن في مجاهل افريقيا والتي لم تصلها تكنلوجيا الاتصالات ولا زالت تستخدم الطبول لنقل الاخبار.
هذه السمعة والمعرفة العالمية لم يحققهما العراق لابداعات تطبيق الديمقراطية، ولا بتحقيق انجازات مرموقة في الصناعة او الزراعة، ولا بابداعات فنية او ادبية او موسيقية، ولا بتحقيق طفرات وقفزات في ضمان الرفاهية والسعادة للشعب، ولا بالمساواة بين المرأة وبين الرجل، بل ولا حتى بتطوير الدين رغم انه اصبح الشغل الشاغل للحكومة وللاحزاب وللمنظمات وللاعلام، اذ بقى الدين كما هو الكل يحرص على جموده، اذ ان التطوير يحتاج الى تساؤل والتساؤل يحرك العقل، واخر ما يرغب فيه رجل الدين هو ان تستخدم الناس عقولها.
ورغم ان العراق مشهورا بكثرة المذبوحين على الطرقات او في البيوت او المقتولين في زخات القصف العشوائي او ذلك القصف المتخصص بقنص الزوار كما تقنص الطيور، لكن هذه الشهرة قد تراجعت، ليس لان المسئولين قد بلوا بلاء حسنا في القضاء على الارهاب، لكن لأن شعوب العالم لم تعد تهتم كثيرا بالقتل الذي يقع للعراقيين، اذ ان كثرة الموت ذبحا او رميا او اغتيالا اصبح يبدو امرا طبيعيا جدا انه نوع من الاعتياد الذي يغيب الاثارة.
حتى نشرات الاخبار المحلية وعلى الاخص في الفضائية العراقية، تراجع الاهتمام واصبحت جرائم القتل الارهابي تذكر نتفا في ذيل نشرات الاخبار بينما تهمل اعداد الضحايا ولا تتطرق لها التقارير التلفزيونية، وكان الذين قتلوا زائدين عن الحاجة. كما ان احد اسباب تراجع اهتمام الشعوب بالقتل وبالموت الذي يقع للعراقيين، هو حقيقة انتفاء وجود شعب في العالم تقع فيه هذه المقاتل العظيمة ويبقى ساكتا لا يدافع عن نفسه ولا يحاسب المسؤلين المؤتمنين على حياته رغم انهم يتقاضون اضخم الرواتب والمخصصات ولامتيازات في التاريخ مقابل لغو وسخف يندر وجوده، اذ ان ذلك يوحي وكأن العراقيين قد ترجموا الشعار القائل {الموت لنا عادة وغايتنا الشهادة} الى واقع فاقبلوا على الموت عن طيب خاطر.
لكن بغداد قد غدت معروفة بكثرة العبوات الناسفة التي حولتها الى حقل الغام، وباساطيل السيارات المفخخة المتفجرة التي احالتها الى مدينة براكين تقذف حممها دون مواعيد، ان هذا اهتمام الدول، بل وحتى الصحف والكتاب انصب على النشاط الارهابي المتزايد وفشل الحكومة المعيب وليس على موت مئات الضحايا.
جزء من هذه الشهرة المعيبة قحققتها احزاب المحاصصة وكتلها المتآلفة على تحويل العراق الى اقطاعية تقاسمت ثرواتها وارضيها واستعبدت سكانها وعاملتهم كالاجرء. فنوري المالكي يبعث قواته المعروفة بـ {سوات} فتعتدي بالضرب المبرح على المتظاهرين المسالمين ثم تزج بهم في المعتقلات، بعدها يخرج بكل بجاحة وقباحه ليقول بانه يتعاطف معهم ويؤيد مطالبهم، انه مثل لذي يضرب الاجير على قفاه ثم يوصيه ن يكون منضبطا، ويحاول مراضاته بالمسح على شعر رأسه.
لقد اصبحت بغداد معروفة للعالم لانها مقرا لافشل ولاعجز حكومة ولأفسد برلمان ولاخيب رئاسة في العالم.
ففي العادة لا تتحدث الصحف العالمية عن المجالس النيابية للدول الاخرى، اذ ان مهمة المجالس النيابية هي مهمات محلية، اما مجلس النواب العراقي، فقد اصبح حديث الصحف، وذلك لفساده وغباء اعضائه وضحالتهم وغياب اي روح وطنية او انسانية عند اعضاءه.
عندما يذكر العراق في نشرات الاخبار العالمية، فانه يكون دائما مقرونا بسلسلة من تفجيرات السيارات المفخخة او انباء عن هروب جماعي من السجون، او سلسلة من العمليات التي تقوم بها التنظيمات الارهابية المسلحة، بالطبع سوف لن تحتوي نشرات الاخبار الدولية تصريحات رئيس الوزراء ولا تصريحات لجان الامن والدفاع ولا تخريجات وزارة الداخلية ولا اقوال وتعليقات الناطقين الرسمين سعد معن ومحمد العسكري، فكل ما يقوله هذه اللفيف لا يحمل قيمة تستحق الاعتبار
مقالات اخرى للكاتب