عدا بعض الكتابات والتصريحات الحماسية ، عجزنا وللأسف الشديد نحن التركمان عن تقديم اي دعم ملموس لبلدتنا التركمانية الباسلة آمرلي ذات العشرين الف نسمة التي قاومت ببطولة لا نظير لها في التاريخ السياسي التركماني والعراقي الحديث وعلى مدى اربعة وثمانين يوما حصارا شرسا فرضته عليها عصابات تنظيم دولة الاسلام في العراق والشام (داعش) الارهابي .
لم تشهد كركوك وغيرها من المدن والقرى في منطقة توركمن ايلي اي محاولة لتشكيل قوة من المتطوعين التركمان تمثل ابناء توركمن ايلي وحشدها للدفاع عن آمرلي الى جانب القوات الاخرى التي هبت لنصرتها.
كما لم تجر اي محاولة تركمانية لارسال مساعدات انسانية الى اشقائنا التركمان في آمرلي . والسبب الرئيسي في هذا التقاعس الذي لايغتفر يعود الى افتقار التركمان لمنظمات مجتمع مدني حقيفية ،فضلا عن افتقارهم لحركة سياسية حرة الارادة على غرار حركات التحرر للشعوب الاخرى ، توجه الشعب التركماني الى غد افضل، وتسترجع له ارضه المحتلة وتحقق له ما يصبو اليه من الحرية والكرامة.
وإن كان تحرير آمرلي من قبضة تنظيم داعش تم قبل كل شئ بمؤازرة الطيران الحربي الامريكي و بمشاركة وحدات من الجيش العراقي ومليشيات شيعية وكردية فضلا عن مستشارين وخبراء عسكريين ايرانيين ، فان الاحزاب العربية الشيعية التي شاركت مليشياتها في معركة تحريرآمرلي ، قد تسعى لتبني النصر الذي حققه ابناء آمرلي التركمان البواسل في معركتهم ضد داعش ، او انها فد تسعي ايضا لاضفاء الطابع المذهبي على هذا النصر.
كما اسلفنا ساهمت قوات متعددة في معركة فك حصار عصابات تنظيم داعش عن بلدة آمرلي،ولكنه لأمر مؤسف للغاية ومصيبة كبرى ان لا تكون هناك قوة عسكرية لاكثر من مليوني تركماني تشارك القوات المتعددة الانفة الذكر في تحرير الاشقاء التركمان في آمرلي .
طائرات فرنسية ،وطائرات امريكية واسترالية جاءت من اقصى الدنيا ، لتشارك في القاء مواد اغاثية من اطعمة ومياه للشرب ومواد صحية وغيرها على سكان بلدة آمرلي، والملفت للنظر هنا ، ان تركيا التي تعتبر نفسها قوة اقليمية في الشرق الاوسط والحليفة للولايات المتحدة الامريكية في الناتو، لم تشترك ايا من طائراتها مع طائرات تلك الدول في عملية الاغاثة الجوية، لأنها اي تركيا تنتهج سياسة تتمحور في الشرق الاوسط حول مؤازرة حماس ، كما وانها منذ الازمة السورية ، تنتهج سياسة الباب المفتوح، المفتوح لعشرات الالوف من الاكراد اليزيديين ،والمسدود بوجه عشرات الالوف من التركمان النازحين من تلعفر .
الجيش العراقي بعدده واسلحته الحديثة لم يستطع الصمود في الموصل امام عصابات داعش الا لبضع ساعات ، فيما قاوم تركمان آمرلي ، حصار داعش وصمدوا ببسالة بوجهه وعلى مدى اربعة وثمانين يوما باسلحة خفيفة وفي ظروف قاسية جدا وببطولة مشرفة، سطروا خلالها ملحمة في منتهى الروعة ستدخل التاريخ السياسي التركماني والعراقي الحديث باحرف من ذهب.
يتوجب على الجهات التركمانية المعنية توثيق هذه الملحمة التاريخية وتكثيف التعريف بها في مختلف انحاء توركمن ايلي والعراق والعالم. ونوجه من هنا نداءا مخلصا لأثرياء التركمان ان يسرعوا ويرصدوا مبالغ من ارباحهم لانتاح فيلم سينمائي يخلد ملحمة آمرلي مماثل للفيلم السينمائي وادي الذئاب العراق.
للدفاع المستميت المشرف لابناء آمرلي الابطال لاكثر من شهرين عن شرفهم وارضهم وقوميتهم ضد عصابات دولة العراق والشام - داعش- ، يرجع سببه قبل كل شئ او اعتبار الى اعتزازهم بانتمائهم القومي التركماني وبلغتهم التركمانية التي لا يجيد معظمهم غيرها، وبالدماء التركمانية الزكية الجارية في عروقهم .
ملحمة الصمود التركماني لاكثر من شهرين في آمرلي ضد حصار داعش،تلك الملحمة التي حظيت باعجاب وتقدير الراي العام العالمي ،ونقلت حقيقة الوجود التركماني ومعاناتهم في العراق الى مراكز القوى العالمية،مما لاشك انها ستساعد فيما لو جرى تقييمها وفق المنظور االقومي التركماني ،على صحوة الشعب التركماني من غفوته ،وحمايتهم من خطر التطهير العرقي المتزايد المحدق به،وتحرير ارضه المحتلة ، وعلى بروز ما يحتاج اليه التركمان بشدة اليوم الا وهو حركة سياسية جذرية تحقق لهم ما يصبون اليه.
تحية حب واعتزاز لأبناء آمرلي البواسل. لقد دافعتم عن ارضكم وشرفكم ببطولة رائعة تستحق كل الاحترام والتقدير، وببطولتكم هذه رفعتم راس التركمان والعراقيين عاليا ،وضربتم مثلا مهما بحبكم لقوميتكم التركمانية والعراق .
مقالات اخرى للكاتب