الصين بلاد واسعة وفيها يتجمع ما يقرب من ربع بشر الكرة الأرضية , ومن عجائبها الواضحة للعيان , البنيان المتشامخ المتسارع وبالجملة , والصناعة المطلقة للأفكار , ووفرة الطعام , والسرعة في الحركة بكل أنواعها.
وأنت تتجول في مدن الصين , تقف مذهولا أمام إنشغال الصينيين في البناء , حيث تبدو مجاميع العمارات السكنية التي نسميها ناطحات سحاب.
قال لي أحد الأخوة الصينيين: أن سماءنا تحلق فيها طيور صفراء , فهذه هي طيورنا.
وهو يشير إلى الرافعات العملاقة التي تعلو العمارات الناهضة.
وتساءلت عن طيورنا الصفراء , فوجدتها غائبة أو نادرة!
وعندما تتجول في أسواقها ومحلاتها , تندهش من وفرة الطعام , فقد أبدع الصينيون في صناعة الغذاء , وصنعوا من الرز لوحده ما لا يخطر على بال من المعجنات والحلويات , وغير ذلك من إبداعاتهم في الطعام.
ولا تجد جائعا في الصين , أو مشردا أو هائما بلا مأوى , إلا نادرا.
هذه الأعداد البشرية الهائلة , تجد لها طعاما ومأوى وعملا تنشعل به , وتتفاعل معه , وتستثمر طاقاتها فيه.
إنهم يعملون ويكافحون ويجدون ويجتهدون , ويتكيفون مع واقعهم ومتطلبات عصرهم.
أما المصانع فأنها قد إنتشرت في أرجاء البلاد , وأصبح معظم الصينين ذوي عقول صناعية إبتكارية , فلا تدخل بيتا إلا وتجد شيئا مما صنعه صاحب البيت , حتى الفلاح الصيني , تجد عنده مصنوعات يدوية للبيع , فالصناعة صارت جزء أساسي من الثقافة , والموروث والعادات والتقاليد الصينية.
وحياة الفلاح الصيني , أكثر تقدما من حياة الفلاح المصري في الصعيد , ومن الفلاح العراقي في الجنوب.
أما عن السرعة , فهي هوس الصين التي تفوقت في صناعة وسائل النقل السريعة , فهي من أكثر دول العالم , إن لم تكن الأولى في صناعة القطارات السريعة , وصارت قطارات الإطلاقة هي القطارات الأكثر رواجا فيها , وعندهم أسرع قطار في الأرض.
ولم أصدق ما قرأته عن ذلك القطار , إلا عندما وجدت نفسي في داخله , فانطلق بسرعة مذهلة , وأنا أرقب شاشة إعلان السرعة , فهذا القطار المجنون قد قفز من حالة السكون إلى سرعة 430 كيلومتر في الساعة في لحظات قليلة , وما شعرت بذلك.
فالقطار يتحرك على سكة كهرومغناطيسية , تلغي عامل الإحتكاك بنسبة عظيمة.
وفكرة السكة الكهرومعناطيسية , ربما سيتم إستخدامها للسير فوق الماء , فتتحول القطارات إلى وسائل نقل تحلق على وجه الماء.
والحاجة أم الإختراع , والصينيون يحتاجون إلى قطارات فائقة السرعة , لأنهم في سباق محموم مع الزمن , ويحاولون الإنتصار عليه , وأظنهم سيفلحون.
وعندما تأملت عجائبنا , إحترت في تعدادها , فرأيت أن أترك للقارئ تصنيفها , ومعاينتها , لأننا بلد العجائب أيضا , ولكن أية عجائب وعجائب!!
مقالات اخرى للكاتب