#قصة_لها_مصاديق_كثيرة_في_واقعنا
نرى الكثير من الناس يطالبون بالإصلاح ومن حرقة قلوبهم التي نراها فيهم تجعلنا نبكي عليهم لشدة إخلاصهم الظاهر عليهم وإذا قرأت لهم تجد كأن الدموع ممزوجة بأحرفهم فتحمد الله على أن في العراق يوجد فيه هكذا مخلصين يمتلكون قلبا يحترق على ما يمر به البلد ويدافعون عن كرامة المواطن وحقه المغتصب ولكن (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا) من حقيقتهم البائسة ونفاقهم الذي وصل أعلى مراتبه وفسادهم الذي أزكم الأنوف وأوجع القلوب المتعبة (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) وتسبب بنكبات للكثير من المواطنين ... والأمثلة كثيرة منها :
جاء أبو سعيد وهو رجل كبير منهك القوى إلى موظف في مصرف الرشيد وكانت لديه معاملة سلفة بناء فقال
أبو سعيد : عمي هذه معاملتي وين اروح آني ما اندل !
أجابه موظف اسمه ضرغام : عمي هذي يم محسن وأشار إليه ليدلّه عليه.
جاء الحجي أبو سعيد إلى محسن : عمي هذه معاملتي رحمة لأهلك شوفلياهه !
محسن يترك موبايله الذي كان يستخدمه لتصفح الـ "الفيسبوك" ومن غير أن يرى معاملة الرجل الكبير قال له : حجي الساعة الآن الواحدة ظهرا ولا يمكنني إتمامها غير تجي من وكَت باچر الصبح تعال واكملهه الك لأن معاملة وحدة ما اشتغله إلا اصير مجموعة معاملات !!
ورجع محسن إلى موبايله لأجل اكمال الردود على التعليقات التي في منشوره الذي يطالب فيه بالإصلاح ومحاسبة المفسدين وقلبه محترق جدا وواضع وجه تعبيري يدل على الحماس لتحقيق الهدف !
رد عليه الحجي أبو سعيد : عمي آني طريقي بعيد وانت اشوف حالتة عمك تعبانة وعمره چبير ومكاني بعيد والجو حار بلكَت تمشيهه الي !
محسن ينظر بانزعاج : عمي مثل ما كَلتلك باچر تعال الصبح وامشيهه الك ورجاء لا تلح بعد حتى لا تلهيني عن شغلي !
ورجع إلى موبايله وما أن نظر إلى موبايله عادة ابتسامته ...
الحجي أبو سعيد : حسبنا الله ونعم الوكيل :(
كلمة الشيخ الكبير خرجت بحسرة والله سبحانه وتعالى يسمع ويرى وبعض الموظفين سمعوا كلام صديقهم الموظف ومخالفته لقوانين الخدمة والتقصير بعمله ولم ينبس أحدهم ببنت شفة إلا واحد وهو ضرغام تحسر وكتب منشورا (الساكت عن الحق شيطان أخرس) وطالب الآخرين أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر ولا يكتفوا برفضه قلبيا لأن هذا أضعف الإيمان أعجب صديقه محسن بمنشوره لأنهما يتبادلان معا الإعجابات والتعليقات على منشورات بعضهما البعض وآخر تعليق لضرغام كان على منشور محسن الذي يدعو فيه للإصلاح حيث كتب تشجيعا له (يا ريت الناس مثلك لكُنّا بخير ... وختم تعليقه بـعبارة : يدا بيد للإصلاح ورفض الفساد والفاسدين)
محسن يرد على تعليق ضرغام : لا تنسه موعدنا باچر في التظاهرة لنقول كلمتنا بوجه الفاسدين.
ضرغام يرد على تعليق محسن : كيف ننسى واجبنا الوطني والإنساني.
دخل صديقهم غيث (وهو موظف معهم) على الخط معلقا : بوقفتكم هذه تثبتون بلا أدنى شك وطنيتكم وحبكم للإصلاح ورفضكم للفساد وكل من لم يخرج إنما هو فاقد للوطنية محب للفساد مبغض للإصلاح.
حصد تعليق غيث على إعجاب محسن وضرغام وعشرات الاعجابات ... .
الرجل الكبير يصل إلى منزله بعد ساعات من العناء تتلقاه الحجية بشر حجي كملت ؟
لا ما كملت وقص لها ما جرى عليه وأثناء ذلك طرق الباب وإذا بأبي عمار وهو أحد الدائنين الذي استدان منه الحجي أبو سعيد ووعده بتسديد دينه بعد استلام القسط الأول من سلفة البناء لأنه استدان منه مقدار من المال ليكمل به بناء البتلو لأنه لا يمنح القسط الأول إلا إذا بنى البتلو !
أخرج الحاج أبو سعيد معاملته وقال له انظر إلى الآن ما مكمله وعساهه ابخته الي عرقله اليوم :(
أبو عمار : طولت عليَّ حجي وهيچ ينكَطع سبيل المعروف وآني هم انضنكت ومطلوب ولعيونك آني شلتلك الفلوس وانطيتك ولأن اعرفك رجل خيّر.
الحجي أبو سعيد : اسبوع واحد وتدلل ان شاء الله تكمل وارجعلك افلوسك وانت ما قصرت وياي وما انسه وكَفتك.
في هذه الأثناء يرن موبايل الحجي أبو عمار وينظر في الموبايل وينخطف لونه ويقول : هذا أبو سرمد كَرايبي الي اداينت منه :( أبو سرمد يملك صيرفة وهي تابعة لأحدى المصارف التي يتملكها أحد الأحزاب السياسية المشتركة في الحكومة :(
ألو : اهلا ابو سرمد
أبو سرمد بعصبية : ها أبو عمار اشو غلست عليَّ ولهسه ما رجعت افلوسي إلي يمك وفوائده !
أبو عمار : أبو سرمد اصبرلي چم يوم اقل الاسبوع واني ادزهن إلك والفلوس جايتني بالطريق ان شاء الله ... وموعد افلوسك اليوم حان وقتهن فاصبرلي اكثر شي اسبوع
أبو سرمد : لا ابو عمار اني اليوم اريدهن ورح ادزلك ابن ابني سرمد هل جايك بالطريق !
الحجي أبو عمار : اني هسه مو بالبيت
أبو سرمد : ما الي علاقة رح ادزه الك وتنطيه الفلوس على داير مليم ! بعد سلامة ! واغلق الخط
أبو عمار بقى متحيرا وتألم أبو سعيد كثيرا ولا يعرف بماذا يجيبه !
وبعد فترة بسيطة وصل حفيد ابو سرمد بسيارته الحديثة وأخذ يصيح ويعربد أمام منزل حجي أبو عمار وفي هذه الأثناء جاء عمار ووجد حفيد أبو سرمد يعربد ولا يوجد في البيت سوى النساء وادخل الرعب على قلوبهن ... فطلب عمار من ابن سرمد الهدوء إلا أن ابن سرمد بقى رافعا صوته ومهددا حتى قام بصفع عمار فرد عمار الصفعة فأخرج ابن سرمد مسدسه على عمار فتماسكا وأثناء ذلك فلت طلق ناري من مسدس ابن سرمد فقتل نفسه فهرب عمار وهرعت سيارات الأمن لمكان الحادث وحضر عدد من المسؤولين لمكان الحادث وتناقلت وسائل الإعلام خبر مقتل حفيد أبو سرمد وعدَّ استهداف سياسي وقيدت الجريمة على أنه عمل إرهابي ... ونشر الكثير من الناس صورة حفيد أبو سرمد ومن بين الناشرين
الموظف ضرغام ومحسن لأنهما يدعمان الحزب الذي ينتمي إليه أبو سرمد وعدوا هذه الجريمة أنها تستهدف إيقافهم عن المطالبة بالإصلاح وكشف الفاسدين والمفسدين وأقسموا أنهم ماضون في طلب الإصلاح ومحاربة الفساد ... :(
وأصدر زعيم الحزب بيانا تأبينيا يعزي فيه كوادر حزبه وجماهيره بهذه الحادثة الأليمة وأشار بأصابع الاتهام لبعض الدول واتهمها بالوقوف وراء هذه العملية الإرهابية ... !!
مقالات اخرى للكاتب
