تفجّرتِ الدُموعُ بلا انْقطاعِ
وحَفّ الموتُ أرْجاءَ الزِماع
كأنّ الأرضَ مِنْ حُزنٍ تباكتْ
وأنّ وجودَها نحوَ اقتلاعَ
وأنّ الروحَ في شجنٍ وأنٍّ
وضوءُ الشوقِ ممنوعَ الشعاعِ
أصيخُ السمْعَ مَرهونا بهمٍّ
وأرْنو ذاتَ وافيةِ الوداعِ
تهاوتْ كلّ علياءٍ أضاءَتْ
ودامَ الليلُ في وجعِ الصراعِ
وكلّ حمامةٍ سَجَعتْ بلحنٍ
ترجّعُه مَزاميرُ الْتياعيِ
تسامى الحبّ وانْثالتْ مُناهُ
وفاضَ عبيرُهُ مِنْ زهْرِ واعِ
تعلمُنا المَنايا قولَ صدقٍ
وتخبرنا بداهيةِ الطباعِ
وترْشِدنا إلى شمْسٍ أُزيحَتْ
نغافلها وتدْهَمُنا بساعِ
ونحْجِبُها عنِ الأنظارِ دَوْما
وننْكرها وكمْ ظهَرَتْ بقاعِ
لنا الويلاتُ ما بقِيَتْ كخَمْرٍ
ونشْربُها بأقداحٍ تِراعِ
رأيْتُ البينَ مَحشوا بصَدْرٍ
يُخاطبني بأحْجيةِ انْصِداعِ
ويُخبِرُني بأنّ الموتَ حَقّ
فما دامَتْ بها أمّ لساعِ
هيَ الأيّامُ ما أوْفَتْ لحيٍّ
وكمْ أخَذَتْ وما أعْطَتْ لراعِ
تُجمّدُني مآسيها كصَخرٍ
وترْعِبُني بأخبار انْفِجاعِ
وتلْجِمُ دمعةً مِنْ جَمْرِ آهٍ
فتبدو العَيْنُ مَيدانَ التماعِ
وتنْزفُ روحَها أمٌّ تعالتْ
على سُفحٍ مُكدّرة البِقاعِ
يجزّ البُعدُ أنياطاً بقلبٍ
ينابضُ طيْفها قبْلَ الضياع
تعلمُني القَصيدَ بعزمِ أمٍّ
وتُرشِدني لأنغام اتْساعِ
وتُسقيني مِنَ التأريخ قَطرا
فتُبْهرني بأفكارِ ارْتجاعِ
أسائِلها عَنِ البلوى بأرْضٍ
وقدْ خبُرَتْ مَهاراتَ الدِفاعِ
فتُغْدِقُني بآمالٍ وعَزْمٍ
كأنّ بلادَنا بنتُ امْتناعِ
على فرُشٍ تدانيها لتربٍ
وتأخذها لآكلةِ الْسباعِ
تموتُ الأمّ والأيّامُ تنأى
إلى غُرُبٍ وراعيةِ انْخلاعِ
فتُلقى كلّ طيبةٍ بوادٍ
ويُجْنى الشوكُ منْ مُرُجِ النِزاعِ