انتشر هذا "التساؤل" الشعبي المبطّن ب"نكتة" تداولها العراقيّون خلسةً زمن النظام السابق بعد طوفان صور "الرئيس" أمام أعين المارّة أينما حدّقت في الأماكن الرسميّة أو الشعبيّة وبمختلف الأحجام وبمختلف الأوضاع , وهو تساؤل غير بريء بلا شكّ ومعبّر عن احتجاج شعبي يزداد ترديده كلّما انهمر اليأس في أفئدة وقلوب العراقيين بعد أن طال أمد حرب "الثمان سنوات" .. "شيلمهن" معروفة ومتداولة آنذاك , لكنّ تداولها لم يكن بمتصوّر أحد أن يستمرّ لغاية اليوم وبأعداد "لقادة" ولا في نواميس اللوغاريتمات ولا بأعداد حبّات الرمل ! .. والسيّد المالكي يدعوا لرفع صور الناخبين ونسي صوره وصور الآخرين , دعوة المالكي أتت وإعداد المقال هذا كنت قد كتبته بأسابيع قبل دعوته هذه فأقحمت ما استجدّ بدعوته أمس واليوم داخل المقال ..
اليوم ؟ أيضاً , شيلمهن ! ؛ طالما "الحكاية" على ما يبدو مستمرّة ليستمرّ معها ثقل "الإرث" على صدور الساكنين , يا ترى من هنّ الّلائي يصعب على الناس "لَمَّهُنّ" من الشارع أو زوايا وأركان البلد هذه المرّة ؟ , إن صدق , فهل ما يعنيه أبا إسراء هنّ صور سماحة وآية وحجّة ؟ إن كنّ يعنيهنّ فإنّهنّ أصبحن مقرنات بحضور صور عليّ بن أبي طالب وصور آل البيت ع ؟ يعني هنّ الأولى برفعهنّ قبل صور بطانة البرلمانيّين لصوص القرن الواحد والعشرين وصور وجوههم ووعودهم المملّة الّتي أرهقت الناس , والمالكي لن يستطيع رفع "المقترنات" بآل البيت ع ورغم علمه بأنّ صورهم المنشورة ذات طبيعة دعائيّة , فلطالما "العلماء ورثة الأنبياء" بحسب فقه "الدولمة" والتمزيق المتوالي العددي الزمني لنصوص القرآن وللأحاديث وتداولهما كمن يتداول بفكّيه وزردومه صحن "شوربة" , وآل البيت ليسوا أنبياء مهما حاول "المحاولون" جعلهم أنبياء بالوراثة ! وبما أنّ خططهم لم تنجح فمن السهل وراثتهم !؟ "يعني منين ما تشمره يوكع عله رجليه" ! , يعني بشكل أدقّ لم تعد الصور مقتصرة على الحياة الدنيا , بل وصور الآخرة أيضاً , صورة أو لوحة أو قصيدة "الكوميديا الألهيّة" لدانتي الّتي ألهمت بعض فنّاني القرون الوسطى مثلاً كانت الجنّة حينها تباع عقارات لأهل الأرض في زمانه !" , صور هؤلاء , وأولئك , وهم بالمئات , أضحت تدور في فلك الحسّ الشعبي الشيعي طالما "أولئك" تعلّقوا في فلك "هؤلاء" الّذين سبق وقد تعلّقوا بأولئك! , لكن من هنّ ال "شيلمهن" هذه المرّة ومن يجرأ ؟ .. هل المالكي يقصد رفع صور هؤلاء أم أولئك أم جميعاً ؟ وصور سعادته أين مكانها من "الإعراب" ! هل يعتبر نفسه "معفي من امتحانات البكالوريا" مثلاً ! وهل يقصد برفع الصور تشمل أيضاً الكوميديا الإلهيّة لجحيم ملفّات السرقات وملفّات القتل والخطف وجثث مجهولة الهويّة هنّ وغيرهنّ أصبحن بمئات الألوف ! , أيّامه في ولايته الأولى دامية ولم يتنحّ ولم يخجل أن يكون الشعب لم ينسه أنّ وجوده في السلطة رغبة أميركيّة ولا حتّى أو تسقط من جبينه نقطة عرق واحدة فرشّح وفاز بالخسارة وبقي متربّع على صدور العراقيين طالما يوزع اراضي العراق ومياهه ونفطه وعقوده التجاريّة يمنة يسره وبسخاء وبحراسة جزء بسيط "أثول أعمى أبكم وسرسري" من المحسوبين على الشعب , والمشهد الدموي يتكرّر وها هي صوره لا تحتاج تجسيم فالجميع بات يرى المالكي يسبح في برك دمويّة ويمنّي نفسه ينادي بولاية ثالثة غير مبال بحرق العراق بمن فيه ورغماً عن المعطيات الغير سارّة بالنسبة إليه ولبطانته ولمؤيّديه من المستفيدين الهتليّة اللصوص؟ صور كثيرة استوجب رفعها وأولاهنّ صور عبثه الدمويّ بأرواح العراقيين لأجل ولاية جديدة , سفّاح طراز ليس له مثيل , فإن كانت صورة واحدة أعجزت الناس عن رفعها من الشوارع والأزقّة والمحال التجاريّة ومقرّات ونقابات ودوائر رسميّة وغير رسميّة وأماكن لهو ومستشفيات الخ فأرهقت الناس من قبل أن يبدئوا برفعها ومن صور الرئيس لا زال بعضها موجوداً ومنها من تتخايل بخطوط "أوت لاين" على الجدران من خلف الطلاء الحديث , فاليوم ليست صورة واحدة تعجز الناس عن حملها , اليوم صور لآلاف "القادة" تُضرب في متواليات لا تنتهي بعدد صور الرئيس السابق ! ..
اليوم يعود يدور في الشوارع نفس ذلك المهموم برفع صور رئيس النظام السابق يتساءل اليوم يحدّث نفسه بصوت مرتفع يسمعه جميع من يمرّ بهم , والهمّ يكاد يقتله : "شيلمهن" فلمّا يسأله المتطفّلين ماذا يعني ب شيلمهن , يجيب بحسرة وحرقة : "هذنّي الصور مال الدنيا والآخرة شراح يلمهن .. منو بقه بي حيل بعد يكدر يلمهن .. خزينة واعلنت إفلاسهه !" ..
مقالات اخرى للكاتب