قد يتسأل القارىء الكريم ، لماذا أبناء الناصرية يبكون دماً ؟!! هل على الشهداء والجرحى الذين سقطوا في التفجيرات الاخيرة ؟!! أم على حظهم العاثر بتشكيل حكومة ميتة ضعيفة بنيت على المنافع الشخصية وتقسيم كعكة الحكومة وفق الاغراءات بالمناصب والرشاوي . بالتأكيد يبكون على الحالتين ، حالة سقوط الشهداء الابرياء من أبناء مدينتهم ، فقد ذهبوا الى مثواهم الاخير بالقرب من حاكم عادل رحيم ، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . أما البكاء الاشد هو يوم تشكيل الحكومة المحلية الجديدة في المحافظة واعلانها عن طريق الفضائيات والاذاعات ، فكان الاستغراب والتعجب يصاحبه أحياناً البكاء على طبيعة الحكومة المشكلة وعلى الشخصيات التي تقود المحافظة لاربع سنوات القادمة . أنه زلزال أصاب المحافظة فخرجوا ابناء المحافظة يتصارخون كلاً على شاكلته ويقولون ما هذا الذي حدث في المحافظة ؟ لقد أصابهم الخوف والذعر من تلك الكارثة التي حلت على المحافظة ، ويتسائلون من الذي يحدث ؟!! هل هذه الحكومة التي كنا نطمح من تشكليها ؟ بعد أن عشنا حكومة ضعيفة لمدة أربع سنوات لم تقدم للمواطن الذيقاري أي خدمة عدا الوعود الكاذبة وصرف مليارات الدنانير على مشاريع رديئة أعطيت لشركات غير رصينة لكون أصحابها محسوبين على بعض التيارات السياسية الحاكمة في المحافظة .
وها هم أبناء الناصرية على مختلف ثقافاتهم يعلنون ويرفضون ويستاءون من تسمية يحيى الناصري نجل رجل الدين محمد باقر الناصري محافظاً لذي قار . فقد تم أختياره لانه أبن محمد باقر الناصري ولم يكن أنه تسلم أية مسؤولية طوال حياته ولا يملك خبرة تؤهله لقيادة المحافظة لكونه قضى سنين طويلة من حياته خارج البلاد .
لقد مرت الناصرية بنفس السيناريو عندما تم تنصيب المحافظ السابق طالب الحسن ، فبين ليلة وضحاها جيء به من أستراليا ليكون محافظاً لذي قار دون أن يدخل في المعترك الانتخابي وقد عانت المحافظة في زمانه من قلة الخدمات وتفشي الفساد وغياب التخطيط السليم ودفع المواطن الثمن نتيجة مثل هكذا قرارات .
و قد اعتبر عدد من المثقفين أن تسلم منصب المحافظ لرجل دين متشدد يعد تغييراً لصبغة المحافظة التي عرفت على أنها مدينة الادب والفن والحضارة فضلاً عن كونه سلب لارادة الناخب الذي وضع ثقته بأناس أبعدوا عن هذا المنصب رغم حصولهم على أصوات تؤهلهم لذلك .حيث طالب بعضهم بجمع تواقيع أبناء الناصرية لمنع الناصري من الوصول الى السلطة ،وطالبوه بعدم القبول بهذا المنصب الذي خضع لمزايدات سياسية حتى تمخض عن تعينيه علماً أنه لا يعرف أنه أداري ناجح وميداني ، وان الحكومة الحالية سياسية وليست خدمية ، وتمنوا ان تكون الحكومة خدمية من أجل الارتقاء بواقع المحافظة المخجل ، سيما أن وزارة التخطيط قد وضعت المحافظة في مرتبة ثاني أفقر محافظة في العراق .
واليوم أبناء الناصرية على مختلف مستوياتهم من رجال ونساء ، وشيوخ وشباب واطفال ينضمون تظاهراتهم المستمرة تنديداً بتشكيل الحكومة الحالية التي بنيت على المصالح النفعية الشخصية بعيداً كل البعد عن ما يصرح به المنتفعون من أنهم جاءوا لخدمة المدينة وابناءها . فالتظاهرات سوف تستمر وقد تتحول الى اعتصامات الى أن تتحقق اهدافهم بتشكيل حكومة تنظر بعين الاعتبار تقديم الخدمات للمواطنين وليس النظر الى منافعهم الشخصية كما في الحكومة الحالية ليعيدوا الفرحة الى أبناء مدينة الناصرية بعد أن بكوا دماً من تشكيل هذه الحكومة النفعية .
مقالات اخرى للكاتب