لا تستغرب إن تكون في يوماً من الأيام وزيراً في الحكومة العراقية . فقد أصبح أحد الوزراء وزيراً وأنه لم يكن يعلم ، ولا الوزارة التي أسندت إليه .
وحتى تكون وزيراً يجب أن تكون من سلالة الطيور المهاجرة ، التي أعتقد أنها ما هاجرت تقرباً الى الله ورسوله ، وأما هاجرت من أجل أن تكون وزيراً .لآن المفروض أن يكون الوزير عراقي الأصل وليس متجنساً بجنسية أخرى ، عندما يختلس أموال العراقيين يفر إلى ذلك البلد الذي يحمل جنسيته .
والغريب في الأمر أن العراقي الأصل النزيه الكفء لا يصبح وزيراً ، لماذا ؟ يجيبك الآخرين : بأن لا توجد ثقة به ، ولا ينفعنا .. طيب ما هي منافعكم ؟!!! أليس خدمة العراق وشعب العراق ، هي المنفعة الكبرى لديكم ... أم ماذا ؟ أفيدونا يرحمكم الله .( والله تعبتونا معكم نريد أن نفهم ) .
أليس كل العراقيين يحملون الجنسية العراقية وكلهم مساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات .أم أن هناك فريقين يحمل الوطنية العراقية .. فيأتيك الرد للأسف : الفريق الأول ضعيف الوطنية والولاء لأنه لم يهاجر .أما الفريق الثاني يعتبر نفسه أكثر وطنية وولاء فأنه يستحق أن يكون وزيراً ، لأنه هاجر . هل وطنيته زادت بحصوله على جنسية البلد الأخر ، وولاءه تعزز لانتمائه إلى أحد الأحزاب والتيارات العاملة على الساحة السياسية العراقية . أذا كان الأمور تقاس بهذا المنظار . أذا أين اللحمة الوطنية والمساواة في الحقوق والمواطنة ، وما هي فائدة بطاقة الأحوال المدنية التي يحملها العراقي ، أليس من حقه أن يتنافس لان يكون وزيراً يخدم أبناء شعبه على وفق مبدأ الكفاءة والنزاهة وحبه لوطنه العراق بعيداً عن الولاءات الحزبية والعشائرية . أم أن تلك البطاقة تضع في الجيب من أجل نقاط التفتيش وأحيانا لا تدخل محافظة إلا أن يكون عندك كفيل من نفس المحافظة لكي تزور أهلك وأقاربك وأصحابك وأحبابك .
وبعد تفكير عميق فهمت الأمر جيداً : بأنك إذا أردت أن تكون وزيراً ، لازماً أن لا تكون عراقي من الداخل ، وأن تكون مهاجراً ، ومطيع الطاعة العمياء إلى قادة الأحزاب والتيارات ، ملبي منافعهم ، منفذ أوامرهم ، ساجداً لهم من دون الله ، مادحاً لهم من على الفضائيات ، مقرباً لهم بالعلاقات الاجتماعية ، فهل عرفتم من تنطبق عليه الشروط ؟!!! فعندما نطالع ونرى الأمر من حولنا نجد المناصب تعطى لمن ، لأشخاص لاطمين في كل وزارة . أذن انتم تعرفون قصدي ، أعتقد أني لمحت بما فيه الكفاية ، فلا تحرجوني بالتسميات لأنها تؤدي إلى التهلكة .
لكي تكون وزيراً بسرعة البرق ، عليك أن تكون مخالفاً للقوانين والأنظمة ومسبباً بنكسة كبيرة تجذب أنظار الآخرين لك ، بمشاريع فاشلة ، وطرق مكسرة ، وقطع أراضي لا وجود لها على الواقع ، وصرف صحي مخالف للتندر ، ومخططات مجاري عند أول قطرة مطر تغلق فتنكشف الفضائح وتغرق الإحياء والشوارع فيموت الناس وتتهدم البيوت وتنجرف السيارات ويضحك علينا العالم ، فيتصور الناس أن تلك الإمطار ستذهب بك إلى المقصلة ولكنها حملتك في يخت سريع لتكون وزيراً . حينها ستذهل أنت والآخرين وتقول معقول أصبح وزيراً !!! أكيد هناك شيئاً غلط ، فتنذر صوماً للرحمن ثلاثة أشهر على الأقل لم تسرق من المال العام . فيحوم حولك المطبلون ويقولون : " الوزير ماكو منه " ليقوم بحملة يطلق عليها حملة الإصلاح الشرسة ، لكي يأخذ الألقاب ولكنها تصبح بعد فترة حبر على ورق .
لذلك لا تحاول ولا تتعب نفسك ولا تتخلى عن أصلك لأنك (عمرك ما راح تصير وزير) .
مقالات اخرى للكاتب