تزامنا مع سخونة الجو ارتفعت سخونة سكان حي الكرادة وهم ينقلون ضحاياهم من بين الانقاض وقد ارتسمت على وجوههم علامات الغضب والخيبة والخذلان من حكومة تقول اكثر مما تفعل حكومة متهرئة غير قادرة على توفير الحد الادنى من الحماية الامنية للمواطنيين .. العراقيين الذين باتوا يعيشون الخوف والموت المتربص بهم في اي مكان او شارع يتنقلون اليه حتى بدت شوارع بغداد شبه خالية من السيارات بعد الانفجار الذي وقع في منطقة الكرادة .. ورغم الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء حيدر العيادي لموقع الانفجار لاثبات وجوده وتعاطفه مع ذوي الضحايا لكن هذه الزيارة التي كان متوقعا ان يلقى فيها العبادي ترحيبا من ذوي الضحايا وجد حالة استنفار غير مسبوقه بعد ان استقبلته الجماهير المحتشدة قرب موقع الانفجار استقبالا لايخلوا من الاهانة .. ورغم التبريرات التي قدمها رئيس الوزراء عن الاستقبال المهين.. والاجراءات التي اتخذها لتعزيز الوضع الامني في البلاد والحيلولة دون وقوع انفجارات جديدة قد تحرجه امام خصومه الا ان هذه الاجراءات لاترتقي الى الحد الادنى من مستوى تحقيق الامن والامان للمواطنين ..
ليس بسبب ضعف هذه الاجراءات لكن بسبب عدم قدرة العبادي على حسم الصراع الذي يعيشه مع مراكز القوى السياسية العراقية المهيمنه على القرار السياسي والامني في البلاد وحسم تدخل القوى الاقليمية ومن بينها السعودية وايران على استقلالية القرار ناهيك عن التدخل الامريكي الذي يعمل جاهدا على ان يكون القرار مرتهنا بارادته لا بالارادة الوطنية .. وفي كل الاحوال سواء كان المهيمن على القرار السياسي والامني المُتخذ ايراني او سعودي او امريكي فان المؤشرات تؤكد ان البلد يمر بمحنة كبيرة وان حمام الدم مازالت حرارته مرتفعة كحرارة جو العراق وهو معرض لانفجار الشارع العراقي في اي لحظة وفي حال انفجاره سيخلق كارثة لايمكن ايقاف تداعياتها كارثة حجم دمارها بحجم الكون سيكون حتما وقودها الشعب المبتلى بقيادة سياسية غير كفوءة ..
قيادة متهرئة ليس همها بناء العراق بقدر مايهمها نهب ثرواته.. فالقيادة السياسية في العراق يهيمن عليها اشخاص باتت وجوههم كالحة بلون التراب اقوالهم اكثر من افعالهم فهم دائما في صراع تحكمهم تخالفات وتضادات في الفكر والمنهج اشبه ماتكون مجالسهم ان كانت هناك مجالس تجمعهم ببعض ك " حلبة صراع الديكة " او ماتعرف ب " رياضة الدم " ولعبة صراع الديكة من الالعاب الشعبية التي تُمارس في بعض احياء بغداد وعدد من المحافظات ولهذه اللعبة قواعد خاصة ومحكِمون ومدربون وجمهور .. وقواعد اللعبة السياسية في العراق هي اذلال هذا الشعب والحاق المزيد من القتل والتنكيل والتهجير لابناءه .. والمحكمون هم دول اقليمية تشرف على سير تنفيذ قواعد اللعبة من خلال تقديم الدعم اللوجستي لتعميق الهوًة بين الاطراف المتقاتلة وفق مصالحها التي غالبا ماتكون معادية للعراق.. والجمهور المستهدف هو الشعب بكل مكوناته المذهبية والاثنية ومع اول ضربة بين ديكين متناحرين " تناحر السياسيين " يتعالى صراخ الجمهور لمشهد الدم النازف نتيجة اعمال عنف تقع هنا او هناك باتت تعرف ب " حمامات الدم " يكون منفذوها مرتزقه جاءوا من خارج الاسوار ..
وتفترض الدول الاقليمية على القادة السياسيين ان تكون هذه اللعبة تحمل خصائص تجعلها نوعا من المتعة وهي ترى التناحر بين مراكز القوى وتنفيذهم مجازر يكون وقودها الشعب من خلال تنفيذ اعمال عنف تسفر عن سقوط ضحايا تتلوى وتنتحب من الالم وغالبا ما يفترض القائمون على هذه اللعبة ان تمتلك خصوصية تجعلها تنتهج اشكالا لايمكن الخروج عليها لكنها تصب في هدف واحد هو القتل غبر المبرر لاكبر عدد من العراقيين الذين باتوا مشروع قتل ..تعتمد هذه اللعبة على فصيلة خاصة من السياسيين " الديكة " وهي فصيلة تسمى بـ "الهراتي" حيث تختلف مواصفات هذه الفصيلة من بلد إلى اخر.. فمثلاً في تركيا واوربا عموماً تكون الفصيلة "الهراتي" لها مواصفات تتمثل بقوة التحمل ولها كذلك اوزان نموذجية وهي بالتالي تكون اقوى واجمل من الفصائل الاخرى المستخدمة في هذه اللعبة كما ان هناك الفصيلة الهندية التي تتميز بسرعتها الجيدة في العراك.. ونحن في العراق نعمل على جمع هذه المواصفات من خلال تهجينها " بحملها اكثر من جنسية " للحصول على فصيلة تمتلك مواصفات نموذجية.. وتمتلك هذه الفصيلة من السياسيين ذكاءً خاصاً في اطلاق التصريحات الكاذبة اضافة الى امتلاكها اساليب متقدمة في عمليات سرقة المال العام .. لعبة تبدو في اغلب اشكالها نوعا من الترف لكنها لعبة الموت والدمار للعرق
مقالات اخرى للكاتب