Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
مفردة «الثقافة» بين رفعة المعنى والإسفاف اللغوي
الخميس, آذار 9, 2017
محمد رياض حمزة
منذ بضع سنين نقرأ ونسمع ما يتداوله كتّاب ومتحدثون عرب باستخدام مفردة الثقافة في غير معناها أو دلالتها، مما يُسيء لهذه المفردة العربية التي اتسم استخدامها بموسوعية المعرفة وسمو المعنى والدلالة على التهذيب ونبل شخصية من اتصف بها. ونسمع اليوم من يكتب ومن يتحدث مضيفا مفردة الثقافة إلى مفردات كثيرة ذات معانٍ حميدة أو مسيئة لم تكن مستخدمة قبلا

ولعل استخدامها نتج عن ما نقله المترجمون إلى اللغة العربية عن اللغة الإنجليزية. 
فعلى سبيل المثال لا الحصر نقرأ أو نسمع : (ثقافة الهمبرجر)، (ثقافة الإرهاب)، (ثقافة الفساد)، (ثقافة العنف)، ( ثقافة التسيّب)، (ثقافة الحرام)، (ثقافة التبرّج)، ( ثقافة الإستنكاف)، (ثقافة التعصّب)، ( ثقافة الكسل)، (ثقافة صناعة الموت) وغيرها الكثير من المفردات ذات المعاني السلبية. كما يمكن أن نقرأ ونسمع من يقول ( ثقافة العمل الحر)، (ثقافة السلم )، ( ثقافة المحبة)، ( ثقافة التسامح)، ( ثقافة التديّن)، ( ثقافة التظاهر) وغيرها، بمعنى أن تُعَرّف مفردة الثقافة بإضافتها لأسماء الفعل.. وتردد على السمع أو نقرأ عمن يكتب (ثقافة الفساد) .. فهل أن الفساد ثقافة، أم أن الفساد سلوك وبذلك يمكن القول أن فلان «مثقف فساد».. وهناك الكثير والكثير من المفردات التي تضيف مفردة الثقافة لأسماء الأفعال ويقصد بها اسم فعل لحالة أو لسلوك، فالإرهاب والعنف والكسل أسماء لسلوك دأب عليه المفسدون والإرهابيون والكسالى.. وغيرهم. ومن يقول «أن ثقافة الفساد شائعة» فهل هناك من أدبيات ومؤلفات «تثقف الناس وتعلمهم الفساد؟ أم إنه سلوك إجرامي وانحراف أخلاقي؟
ومن الشواهد و المفارقات المضحكة وفي برنامج تلفزيوني عن الطبيعة يعلق المذيع على مجموعة من القرود فيقول بالنص «ان ثقافة هذه المجموعة من القرود تختلف عن ثقافة مجموعة أخرى تعيش إلى جوارها». ومثال آخر وفي برنامج تلفزيوني آخر يتحدث المذيع عن الحيتان المعروفة بالقتل ليقول «لا يعرف العلماء إلى إي ثقافة ينتمي هذا النوع من الحيتان»؟!، إذن في كل ما تقدم من إضافة مفردة الثقافة إلى أسماء الأفعال يقصد بها السلوك ولا علاقة للثقافة بذلك الإسفاف اللغوي.
وبالعودة إلى مفردتي الثقافة والمثقف، فإنهما حديثتا الاستخدام في اللغة العربية إذ لم ترد مفردة الثقافة في القرآن المجيد بمعانيهما المتداولة، وقد ورد في خمس آيات ما يلي: وردت مفردة «ثقفتموهم» مرّتين، و»تثقفنّهم»، و»يثقفوكم»، و» ثُقفوا» مرة واحدة لكل مفردة، وإن معناها أينما وُجدوا أو حيث لقيتموهم. ولا علاقة لهذه المفردات بمفردة الثقافة.
وفي لغة العرب قبل الإسلام فإن مفردة المثقف هي إحدى أسماء الرمح. ففي معلقة عنترة العبسي نقرأ البيت التالي:
جادت يداي له بعاجل  طعنة  بمثقف صدق الكعوب مقوّم. 
والمثقف هو الرمح الذي كان أصلا عود شجرة شُذّب وصُقل فصُيّر مستقيما مثقفا من الشوائب. ومن هذا المعنى أخذت مفردة «المثقف» دلالتها لتعني أن المثقّف هو الإنسان الذي تعلّم وقرأ وتابع وتهذب واستقام سلوكا فصار مثقفا. 
كما ارتبط   استخدام مفردة الثقافة بمسميات تتسم برفعة المعنى، كالعلم والأدب والفلسفة والقراءة والتهذيب وسمو الخلق. ومن تأثير ما كتب باللغة الإنكليزية على القراء باللغة العربية الحديثة. وبتأثير من الأعمال  المترجمة في العلوم والفنون والآداب تداول استخدام مفردة الثقافة منذ عقدين من الزمن  لتعني، إضافة إلى معناها المذكور، العادات والتقاليد والأعراف والمعتقدات التي ينشأ عليها الفرد فيقال بالإنجليزية:
( He is from a different culture) (إنه من ثقافة مختلفة) . ومع ذلك فإن مفردة (culture) باللغة الإنجليزية استخدمت ودخلت قواميس اللغة الإنجليزية في القرن الخامس عشر الميلادي وأخذتها الإنجليزية عن اللغة الفرنسية الوسيطة وأخذتها الفرنسية عن اللغة اللاتينية بلفظ (cultus) ومعناها : صفة للتطور المعرفي والأخلاقي والسلوكي عن طريق التعليم والقراءة الموسوعية. كما أنها كانت تطلق على الأنشطة والفكرية والأدبية والفنية على مدى قرون في الحواضر الأوروبية.
ومن المسلمات، عبر التأريخ البشري، أن الأمم التي تتهيأ لها أسباب الهيمنة وتسود في حقبة ما من الزمن وتبسط نفوذها الحضاري  على غيرها من الأمم، فأن فلسفتها وعاداتها وتقاليدها و موروثها الحضاري يُفرض على الأمم المتلقية فتتأثر لغات الشعوب المتلقية بلغات الأمم  المسيطرة . 
ومنذ سقوط بغداد الأول عام 1258 على يد المغول، وحتى قبل ذلك التأريخ، وقع العرب تحت تأثير غزوات أمم أخرى فتسربت عادات وتقاليد ولغات أمم أخرى. لذلك طغى استخدام لهجات عامية محلية متداولة في المجتمعات العربية على اللغة العربية الفصحى، فنجد لهجات عربية تأثرت بالانجليزية أو الفرنسية أو الفارسية أو التركية. دخلت مفردات عدة وتداول العرب استخدامها غير التي عُرِّبت. بل أن لغة التخاطب الدارجة  لعدد من الشعوب العربية لا تكاد تفهمها شعور عربية أخرى. 
ويمكن الجزم أن من حفظ للعرب الكثير من عاداتهم وتقاليدهم ولغتهم هو القرآن. ومع ذلك فإن التأثير والتأثّر في اللغة في العصر الحديث لم يكن مصدره الاحتلال الأجنبي للحواضر العربية فقط بل كان غزوا من نوع آخر، ذلك هو الغزو الحضاري والمعرفي الذي يندرج تحت مفهومه أنواع عدّة من التأثيرات سواء في السلوك العام للناس والنظم المسيّرة للحياة.. وغيرها ولا بد أن يأخذ سبيله إلى اللغة التي ترتبط بها معظم العلوم الفنون والآداب.
فأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، بما لديهما من القوة الحضارية المادية الحديثة في الاقتصاد والعلوم والصناعة والفنون والآداب، التي صارت لهما منذ بضعة قرون، وغدت قوى عسكرية وسياسية واقتصادية مهيمنة، أصبح من اليسير عليهما فرض قيمهما الحضارية والثقافية على الأمم المتلقية أو التابعة.
ومنذ قرون عجاف خلت وإلى يومنا هذا والعرب أمة متلقية غير منتجة، والأمم المتلقية أمم تابعة، ونتاج الأمم المتلقية، في مرحلة التبعية، نتاج غير أصيل، ولغة معظم متحدثينا وكتابنا العرب أسيرة التقليد، ويندرج تحت ذلك ضروب من «الحداثة « في الكتابة ومفرداتها وأساليبها في النثر والشعر. ونجد من يستخدم مفردة الثقافة، متجاوزا رفعة معانيها، مضيفها إلى أفعال أسماء ومفردات لا تؤكد معناها، وهذه بعض من تلك الإستخدامات: ثقافة التسول، ثقافة جلد الذات، ثقافة البخل، ثقافة الغش ، ثقافة اليأس ، ثقافة العيب ، ثقافة الكذب ..... وعشرات غيرها . 
ويبين ابن منظور في لسان العرب أن معنى الفعل الماضي ( ثَقَفَ): جدّد وسوّى، ويربط بين التثقيف والحذق وسرعة التعليم. ويعرّف (المعجم الوسيط) الثقافة بأنها:العلوم والمعارف والفنون التي يطلب فيها الحذق.
ووردت تعاريف غربية عديدة لمفردة الثقافة فهي :
• «ذلك المركب الكلي الذي يشتمل على المعرفة والمعتقد والفن والأدب والأخلاق والقانون والعرف والقدرات والعادات الأخرى، التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضواً في المجتمع. تعريف «كوينسي رايت»:
• و»هي النمو التراكمي للتقنيات والعادات والمعتقدات لشعب من الشعوب، يعيش في حالة الاتصال المستمر بين أفراده، وينتقل هذا النمو التراكمي إلى الجيل الناشئ عن طريق الآباء وعبر العمليات التربوية». تعريف «مالينوفسكي».
• وهي «جهاز فعال ينتقل بالإنسان إلى وضع سلوكي أفضل، وضع يواكب المشاكل والطروح الخاصة التي تواجه الإنسان في هذا المجتمع أو ذاك في بيئته وفي سياق تلبيته لحاجاته الأساسية». تعريف ( جوستان فون جرونيوم)
وهناك تعريفات أخرى مثل (أن الثقافة تعني الجهد المبذول لتقديم مجموعة متماسكة من الإجابات على المآزق المحيرة التي تواجه المجتمعات البشرية في مجري حياتها، أي هي المواجهة المتكررة مع تلك القضايا الجذرية والأساسية التي تتم الإجابة عنها عبر مجموعة من الرموز، فتشكل بذلك مركباً كلياً متكامل المعنى، متماسك الوجود، قابلاً للحياة) ومن هذا القبيل تعريف «جوستاف فون جرونيوم» في مطلع كتابه (هوية الإسلام الثقافية) الصادر في باريس عام 1973. حيث يقول عن الثقافة انها (نظام مغلق من الأسئلة والأجوبة، المتعلقة بالكون وبالسلوك الإنساني النبيل).
ولرفعة مفردة الثقافة وجب أن تستخدم حسب دقة معانيها، فيمكن تمييز فرد عن آخر بقدر ما تعلّم وتهذّب فقوّم منطقه و أصلح سلوكه وتعامله مع غيره ،وأتْسم بالأخلاق الفاضلة. وليس المثقف من قرأ وكتب و تحدّث وأستزاد بضروب المعرفة فقط، ولا يكتسب الفرد صفة المثقف إلاّ أن يعزز إبداعه ومعرفته بالسلوك القويم والتهذيب الإنساني، فمفردة الثقافة أسمى من أن تستخدم بما يسيء لرفعتها. ويمكن القول أن ضعف معرفة الكتاب والمحدثين من العرب بلغتهم وتأثرهم بما يترجم أو يقرأ باللغات غير العربية يتسبب باستخدامات مسيئة للغة العربية ولمفرداتها. 

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.45092
Total : 101