لما فشل اهل السياسة في اقناع المعز لدين الله نوري المالكي بالتنحي ، و فشلت الاجتماعات ، و انتهت اللقاءات ، استمر الدمار في العراق و الخراب ، و تشتت الناس وراء الاحزاب ، فلم يستطع ان ينقذ الحال الخليفة الجديد ، المربرب من خير الله فؤاد معصوم ، ولا امير النواب المنتخب المولول من خشية الله سليم الجبوري .
فاصبحت الشوارع ساحاتٍ للسجال ، و ارضا للقتال ، بين ميلشياوي طائش ، و افرادٌ من داعش .
فلما راى حطامة ابن الاغبر البغدادي الحال ، قرر قراره ، بالدخول الى الخضراء ، و لقاء السياسيين الشرفاء ، فركب بغلته ضيومة ، و اتجه بها الى القصر الجمهوري ، المزخرف بالمرمر و الفرفوري .
فولج على الخليفة المربرب من خير الله فؤاد معصوم ، فوجده متربعا في غرفته يلعب اليوكا ، ولما راه ، نهض و جلس خلف مكتبه ، فقال له حطامة من على بغلته :
تلعبُ يوكا و الورى في الفلا ..
و ذاك لاطشٌ و لا ينجلي ..
خراعةُ الخضرة انتم .. بلى .
و احديدةٌ انتم عن الطنطلِ ..
فغضب معصوم ، و رد على حطامة :
مُجلّبٌ نوري فلن يهجر الـ ..
كرسيَّ ، ماذا في يدي افعلا ؟
وانني متعبةٌ صحتي ..
لعلاج نفسي قد اكن راحلا ..
فعرف حطامة ان المربرب قد يسافر للخارج من اجل العلاج فغسل يديه منه .
فتوجه الى دار المولول من خشية الله سليم الجبوري ، فوجده و قد جمع الغلمان ، و احيا ليلته بين القيان ، فقال له :
امير نوّاب البلاد هلّا ..
جئتم بغير الحاكم المالكي ؟
فانما اسكتنا قوله :
(فزت باصواتي) فلا نشتكي ..
فقال له الجبوري :
اذهب و قل للشعبِ : هذا الذي ..
جنته من اصبعها براقش ..
من صوبِ ايرانُ تعيثُ فيهِ ..
و من صوب اخرى تدخل الدواعش ..
فصفق حطامة بيده و غمّ المولول على رده ، ثم قرر الدخول على ابو اسراء في غرفته ، فلما وصله ، وجده يدقدق بساميره في كرسيه خشية ان يطير منه ، فقال له :
وعدتنا بالنارِ و السعيرِ ..
يا لزكة الصمغِ مع الاميري ..
اردتها ولايةً ثالثة ..
و الناسُ بين القتلِ و التهجيرِ ..
فنظر اليه المالكي و قال : مانطيها ..
فكبت العيطة ، ولم ينفع الحماية الحذر و الحيطة ، فسمع صوت صراخ المالكي بيد حطامة ، فقد وكع له دكاً ، و نزل به هبداً ، حتى تدخل الحرس فحالوا بينهما .
فلما سمع رسلي المالكي كاتب السلسلة بما فعل حطامة ، خشي عليه من ولاة الامر ، فلحقه الى الخضراء كي يسكته لينجو منهم ، فلما وصل وجد حطامة قد خرج منها غاضبا و مدردماً ، فقال له رسلي :
حطامةً من اجلِ مكرودةٍ ..
اتركهُ يلقى منتهى ظلمهِ ..
ما قَصّرَت كفُك لمّا اتت ..
عليهِ و الدم سالَ من خشمِهِ ..
فنظر حطامة الى رسلي و قال له :
عن دربي ابتعد و دع غضبتي ..
واتركني انتَ الفايخُ الثاني ..
فضحتني في الفيس فانظر لكي ..
مدمّياً خشمكَ تلقاني ..
فلحق حطامة رسلي ببغلته ، فهرب الاخير منه على غير هدى ، لكنه ابقى تواصله مع المكرودة بنت المظلوم كي تخبره باخبار حطامة فينشرها بسلسلة الميراث ، و تاخذ هي عمولتها ، بكارت ابو الخمسه .