كثيرة هي الجرائم التي وقعت ولا زالت تقع منذ سقوط النظام السابق في العراق عام 2003 حيث لازال الوضع الأمني في العراق لم يسترد عافيته بعد وغير قادر على نشر ظلال الأمان على عموم العراقيين. وكم سمعنا عن جرائم قتل ونهب وأختطاف وأغتيالات وغيرها في عموم محافظات العراق ولكن تبقى بعض الجرائم عالقة في الذاكرة وذلك لبشاعتها وللقسوة والوحشية التي تمت بها الجريمة، ولربما يتذكر البعض رغم كثرة الأحداث والجرائم التي تشهدها محافظة البصرة جريمة أغتصاب الطفلة (عبيرعبد علي) ذو الخمسة أعوام!! حيث قام عشرة أشخاص بأختطافها وأغتصابها ثم قتلها ورميها في أحد الدور المهجورة في حي السكك/ ناحية الشعيبة/ التابعة لقضاء الزبير، ووقع ذلك بتاريخ 11/10/2012 . الحادثة أخذت حيزا كبيرا في الأعلام حينها وطالب الكثير من المواطنين ومن أهالي البصرة تحديدا بأنزال أقسى العقوبات بالجناة، حتى طالب البعض بأعدامهم في نفس مكان الجريمة ليكونوا عبرة للغير! وهذه أمنية غالبية العراقيين لعقاب كل المجرمين أيا كانت جريمتهم وطالما صرحوا بها أمام الفضائيات وباقي وسائل الأعلام، وأنا على يقين تام ولربما يتفق معي الكثيرين بأن الحكومة لو كانت أقدمت على أعدام منفذي مثل هذه الجرائم وغيرها من الجرائم البشعة نزولا عند رغبة الجماهير الغاضبة، لربما كان لنا كلام آخر مع الوضع الأمني! في البلاد ولربما كنا الان نسير ليلا في ساعات متأخرة نساء ورجالا! وفي كل مدن ومحافظات العراق دون أن تنتابنا هواجس الخوف من الأغتيال أوالأختطاف أو الغدر!! ولكن أمنياتنا شيء وأحكام القضاء شيء والواقع المرير الذي نعيشه والسياسة التي لوثت كل شيء والتسيس شيء آخر!!. أقول تألمت كثيرا وأنتابني الحزن والغضب والخوف! وأنا أقرأ عبر الصحف( صحيفة المشرق بتاريخ 6 /11/2014) أن محكمة جنايات البصرة قد أصدرت حكمها بالسجن المؤبد!! على الأشخاص العشرة مرتكبي جريمة أغتصاب الطفلة (عبير عبد علي). لست هنا بصدد أنتقاد حكم القضاء العراقي المعروف بعدله ونزاهته وأستقلاليته وكفائته، رغم بعض التحفظات التي يسجلها البعض على القضاء العراقي!!! في خضم كل المجريات والأحداث والوقائع التي حدثت منذ عام 2003 ولحد الآن. ولكن أسجل هنا عتبي الشديد وبألم على القاضي الذي أصدر مثل هذا الجكم الذي لاأراه أنا ومعي الكثيرين يتناسب مع بشاعة الجريمة, ولا أراها أحكام رادعة، فالغاية من أحكام القضاء في أية قضية كانت هو أن يكون رادع للغيرحتى لا يتم تكرار مثل هذه الجرائم.( وهنا لابد من التوضيح أن امثال هؤلاء سينعمون بالأمن والأمان وبثلاث وجبات يومية فاخرة من الطعام لم يكونوا ياكلونها أو حتى يحلمون بها في بيوتهم! مع توفر خدمات الماء والكهرباء والخدمات الطبية وأية خدمات ترفيهية أخرى!! لأن أمثال هؤلاء المجرمين الأوباش سيجدون منظمات حقوق الأنسان تطالب بحقوقهم الأنسانية وتدافع عنهم وتلزم أدارات السجون بتوفير كل متطلبات الراحة والعيش الكريم لهم!!!!!
ناهيك عن قيام بعض الأحزاب وفي خضم الصراعات التي تشهدها الساحة السياسية بالدفاع عنهم!!! ولربما يجعلون منهم كثوار ومنتفضين ضد الحكومة؟!).و بودي هنا أن أسأل القاضي الذي نطق بالحكم : ماذا لو كانت الطفلة التي تم أغتصابها(عبير عبد علي) أبنتك أو حفيدتك أو تمت أليك بأي صلة رحم! هل كنت ستقتنع بمثل هذا الحكم أمام هول وحجم وبشاعة الجريمة؟؟؟!. أنا لا أفقه شيئا بالقضاء ثم لا اريد أن أتدخل في أحكامه التي يصدرها ولكن الذي أعرفه أن القضاء يصدر أحكامه على قدر حجم الجريمة وتفاصيلها وبشاعتها وقسوتها، فأختطاف الطفلة (عبير) وأعتصابها ثم قتلها ورميها بأحد الأماكن المهجورة ألم يكن فعلا مدبرا ومخطط له مع سبق الأصرار والترصد؟ وهل هناك قسوة وبشاعة ووحشية أكبر من ذلك؟ والكل لربما يعرف أن أية جريمة قتل تقع وفيها سبق أصرار وترصد يكون حكمها الأعدام ؟!. أقول صدق من قال( أن من آمن العقاب أساء الأدب), وجزء كبير من تردي الأوضاع الأمنية في البلاد منذ عام 2003 ولحد الآن هو بسبب ضعف الأحكام الصادرة بحق مثل هذه الجرائم البشعة وغيرها.وأسألك بالله يا سيادة القاضي هؤلاء الذين أصدرت حكمك المخفف عليه !!!! هم بشر أم ذئاب بشرية؟؟!، وهنا أذكر القاضي بأن هؤلاء الذئاب الذين أعطييتهم فرصة أخرى للحياة بحكمك هذا؟! لربما سيقضون فترة لا تتجاوز بضع سنوات ثم يشملون بالعفو والأسترحام!، هذا أذا لم يتم أقتحام السجن وتهريبهم!! في ظل الأوضاع الأمنية المتردية وفي ظل الفساد الذي دمر البلاد والعباد؟!.وهنا أذكر القاضي أيضا بقول الأمام علي(ع) ( في موت الأشرار خير للناس) فيا سيدي القاضي ألم يكونوا هؤلاء الأوباش هم الشر والشرار بعينه! ألم يكن في أعدامهم خيرا وأمانا لبقية الناس؟!. أخيرا أقول للسيد القاضي: سنجعل الله حكما على ما قضيت به وهو أحكم الحاكمين.
مقالات اخرى للكاتب