تعتبر حادثة سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم داعش من الحوادث المهمة في تاريخ العراق الحديث ، اذ ان مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والإدارية في تلك المحافظة عجزت عن التصدي لتلك المجاميع الارهابية نتيجة عدم ايمان تلك المؤسسات بالقضية التي يقاتلون من اجلها مما كان سبباً وجيهاً لدى الجنود والضباط الى ترك مهامهم في التصدي لهذه المجاميع ولان انهيار الامن وسقوط المدينة كان نتيجة قصور تلك الاجهزة في الاداء وعدم تفاعلها مع المعلومات الاستخبارية وإهمال تلك المؤسسات لمطالب المجتمع في مدينة الموصل واستغلال التنظيم للأوضاع المتردية للجيش والشرطة والفجوة الكبيرة ما بين الشعب والحكومة واستغلال هذه الارهاصات والتراكمات لخدمة مشروعه فسقوط الموصل بيد تنظيم داعش كان نتيجة متوقعة لسياسات واستراتيجيات خاطئة من المؤسسات الحكومية في تلك الفترة كما ان كثرة التعارضات وتعدد مراكز القيادة والقرار فسحت المجال للتطاول على هيبة المؤسسات الحكومية ولم يعد الامر يطاق من قبل بعض الضباط والجنود فحاولوا بشتى الوسائل الخلاص من هكذا مؤسسات لا تستحق ان تتبوأ مراكز قيادية في الدولة ، كما ان الاعلام الموجهة الذي قادته قناة البغدادية والشرقية في فترة من الفترات اثر كثيراً في المجتمع وساهم بشكل مباشر في دفع المواطن الى النفور من الدولة والمؤسسات الامنية فيها لان هذه الوسائل الاعلامية كانت تركز على الفساد والمفسدين في الدولة مما عكر صفو المسؤول وأصبح يختلق الذرائع للإطاحة بهذه المؤسسات الاعلامية ، كما ان تخبط القيادة وعدم قدرتها على معالجة الاخطاء جعلت منها اضحوكة بيد بعض الضباط والقيادات العسكرية والسياسية الفاشلة ،ولأنها اعتمدت في مرحلة من المراحل على هذه القيادات التي يبغض احدهم الاخر ويحاول اسقاطه وإيجاد الذرائع للإطاحة به ، ولم تلجأ لإيجاد الاصلاح الجذري لتلك المؤسسات ، كما ان عدم انصاتها لصوت العقل وسماع الاصوات المخالفة لها سببت وبشكل مباشر سقوط مدينة الموصل ، وقد يبرر بعض الضباط لأنفسهم ويتهمون الاخرين بالخيانة وهو امر غير صحيح لان الجميع لم يخن لكنهم هزموا واغلبهم قيادات فاسدة ومرتشية ومتواطئة مع بعض الجنود كونهم منتفعين بقسم من راتب الجندي الذي يجلس في داره ويصله نصف الراتب او كل راتب الجندي الفضائي ولان هولاء اوغلت ايديهم بالفساد بملايين الدولارات من خزينة الدولة والآخرين متضررين فأراد البعض منهم ترك المهام لأنه اقتنع بعدم فائدة القتال تحت مظلة فاسدة لأنه ايقين بعدم عدالة المعركة وانه ضحية لحيتان فاسدة لا يهمها الوطن والشعب والمصلحة العامة وألا ما تفسيرنا لما عرضته البغدادية من اتصال بين احدى الضباط وقائد القوات البرية وهو يقول له ان 20 همر من اصل 23 قد دمرت وليس عندي موجود كافي لمواجهة هذه العصابات وأريد الدعم منكم فماذا يجيب قائد القوات البرية ؟ دبر نفسك ! اذا كان ضابطاً وقائداً يستنجد بقائد القوات البرية ويجيبه بهذا الجواب فماذا ننتظر من صبره ومقاومته بالتأكيد ان المعنويات ستنهار لدى الضباط والجنود لعدم اهتمام القيادات بالوحدات المتصدية لهذه العصابات وعدم ايمانهم بعدالة المعركة وهذا الامر سيقود المقاتل والضابط الى ترك الواجب المكلف به ، فمن وجهة نظر مستقلة اعتقد ان المؤسسات العسكرية والإدارية والأمنية لم تن خائنة لكنها كانت مؤسسات فاسدة وفاشلة ومتعارضة فيما بينها وكل منها تدعي انها صاحبة القرار والسلطة ولهذا تعددت مراكز القيادة والسيطرة وأصبحت عبئاً على الدولة وعلى المجتمع في تلك المحافظة مما دعى ابناء تلك المحافظة الى التكاتف مع المجاميع المسلحة بالضد من هذه المؤسسات للخلاص منها كونها مؤسسات فاسدة لكن ابناء تلك المدينة وجدوا انفسهم بين ليلة وضحاها بين ايدي مجرمين اكثر قسوة وظلماً وتجبراً بعد ان كانوا تحت طائلة فاسدين ومؤسسات فاسدة ، واليوم يقوم البرلمان العراقي بوضع لجنة من البرلمانيين للتحقيق في هذه الحادثة ولكن الغريب في هذا الامر ان اللجنة تتكون من 26 عضو وتحتاج الى 26 كرسي و26 منضدة و26 قلم و26رأي لكي يتم الخروج برأي موحد وهذا الامر من وجهة نظري اعتقد انه مبالغ فيه والتحقيق في هذا الموضوع يجب ان يتم من جهة الاختصاص كونها ذات العلاقة اما ان يكون بقرار من رئيس مجلس الوزراء بالإيعاز الى تشكيل لجنة من القضاء للتحقيق ومتابعة الموضوع او من جهة الادعاء العام العسكري ووزارة الدفاع كونها الجهة ذات العلاقة والقضية تتعلق بها كونها المؤسسة الاكثر ادانة من قبل الشعب بالتواطىء في سقوط الموصل في تلك المرحلة ، نعم سقوط الموصل حدث تاريخي مهم في تاريخ العراق ولكن يجب التعامل مع هذا الحدث بحرفة واستنباط الدروس ومعالجتها وعدم الطعن بالمؤسسات بالخيانة والتآمر لان هنالك اروح سقطت وشهداء روت دمائهم ارض العراق فلم تسقط الموصل إلا بعدما سالت دماء الشرفاء على تربتها العزيزة
مقالات اخرى للكاتب