نظراً للظروف التي يمر بها البلد وعدم كفاية الواردات النقدية المتحصلة من تصدير النفط لسد العجز الحاصل في الموازنة بسبب انخفاض اسعار النفط عالمياً يتوجب على الدولة توجيه الموارد بالشكل الامثل تجنباً للإنفاق والهدر للواردات المالية في غير محلها الصحيح ، وهو امر يلقي بضلاله على كافة دول العالم المتطورة والنامية ، مما يجعل من الموارد المالية محدودة مقارنة بالحاجات والاستهلاك البشري للموارد المالية ، وقد دعت المرجعية الدينة في النجف الاشراف الى ضرورة البحث عن موارد اخرى لتغطية العجز النقدي للدولة ، ونتيجة لتزايد العمليات العسكرية في البلاد جعل من الموازنة العامة للدولة تواجه صعوبات كبيرة لاعتمادها على النفط فقط ، وإهمال الدولة للزراعة والصناعة في البلد ، وهذا الاهمال الذي تشهده وزارات الدولة سببه سوء التخطيط والإدارة لسنوات سابقة وكذلك المشاريع الوهمية التي لم تقدم للدولة مردودات مالية حقيقية لأنها مشاريع على الورق فقط ، ومن هنا لابد ان ينصب تركيز الوزارات على نوعية المشروع ونتائجه الايجابية عند تنفيذه فيمكن ان تساهم وزارات الدولة في بناء اقتصاد متوازن يحقق نمواً كبيراً في مستويات الربح والواردات المالية لدعم موزانة الدولة لسنوات قادمة لكي تتخلى بنسبة 50% من اعتمادها على النفط ولان تلك المشاريع التي نفذتها الدولة سابقاً كانت عبئاً كبيراً على مؤسسات الدولة فلم تجني الدولة منها ربحاً او نفعاً اقتصادياً واضحاً يؤثر في المعادلة الرقمية لحجم الواردات فمثلاً وزارة الزراعة تقوم بإقراض الفلاحين قروض ميسرة كثيرة لكنها تقوم كل سنة بإسقاط تلك القروض وتشريع قوانين لإلغاء الفوائد عنها حيث ان الفلاحين الذين يمتلكون عقود زراعية او سندات عقارية كملكية فردية يستفيدون فقط من هذه القروض لكنهم يستخدمونها في غير محلها المخصص له بسبب ضعف الرقابة على الفلاحين المستفيدين من تلك القروض او نتيجة عوامل اخرى لا نستطيع ان نحددها لعدم توفر المعلومات المحددة عنها ، بينما العراق يمتلك اراضي واسعة وكبيرة وهي اراضي صالحة للزراعة ومياه وفيرة لوجود نهري دجلة والفرات وبإمكان الدولة ان تستخدم مشاريع موجهة لإنتاج الحبوب من خلال الاستخدام الامثل للموارد وبهذا تتمكن من تسد حاجتها المحلية من الحبوب وهذا الامر يوفر العملة الصعبة في استيراد ملايين الاطنان من الحبوب سنوياً لوزارة التجارة ويمكن ان تشترك وزارة التجارة مع وزارة لزراعة في تنفيذ هذا المشروع الموجه كما يمكنها الاستفادة منه لاحقاً لتصدير الفائض خارج البلاد وتوفير العملة الصعبة للدولة ، لكنها تقوم بمنح الاموال كقروض للفلاحين وتنتظر الفلاح متى يقدم للدولة حصله او يتعثر في تقديم الحاصل للدولة ، ولو ان وزارة الزراعة قامت بتشكيل فريق مختص من المهندسين الزراعيين والفنيين وفتح الطلبات لعدد من الفلاحين وتوطينهم في اراضي تخصص كمزارع للدولة حيث يتم منح الراغبين من الفلاحين قطعة ارض زراعية ويدخل مع الدولة كشريك ومستثمر بالجهد ورعاية مصالح الدولة ويسل كموظف يراعى مصالح الدولة ويستفيد من عمله ايضاً من حيث زراعة الارض وتوفير اليد العاملة وتصدير الحاصل للدولة وفق دراسة علمية تقوم بها وزارة الزراعة لهذا الغرض مما يساهم في استغلال الاراضي الغير مزروعة والعائدة ملكيتها للدولة في توفير الالاف الاطنان من الحبوب سنوياً كالذرة الصفراء والبيضاء والقمح والشعير اضافة الى زراعة العنبر في المناطق التي تهتم بزراعة هذا النوع من الحبوب مما سيوفر للدولة منتوجاً محلياً يمكن ان يساهم في تقليل الطلب على الحبوب من الخارج بنسبة تصل الى النصف ، كما يمكن ان تقوم وزارة الزراعة بتوجيه الفلاحين بزراعة انواع من الخضروات والفواكه ذات الاستخدام اليومي الصيفية منها والشتوية وتعزيز الدعم للمنتجات المحلية التي تنتجها مزارع الدولة المعدة لهذا الغرض وبهذا تستطيع ان تسد حاجتها من الخضروات والفواكه ولا تقوم باستيراد هذه المنتجات من دول الجوار مما سيساهم في توفير العملة الصعبة للبلد وسد احتياجاته داخلياً ، كما ان هنالك الكثير من المعامل التي كانت تقدم للدولة منتجاتها الصناعية والغذائية ولكنها اهملت وعطلت نتيجة عدم الاهتمام بها من قبل الدولة وعدم توفير الدعم اللازم لبقائها رفداً حيوياً لدعم الاقتصاد المحلي ومن هذه المصانع والمعامل معمل الزيوت النباتية في العمارة ومعمل الزجاج في الرمادي وشركة يافا للمنتجات الغذائية ومعامل ابو غريب للألبان وكذلك معامل السجاد ومعامل النسيج ايضاً ومعامل السكائر ومساحيق الغسيل التي كانت توفر مبالغ طائلة للدولة كما انها كانت تساهم في دعم البطاقة التموينية للدولة من خلال اعتماد وزرة التجارة على المنتجات المحلية كالصابون ومساحيق الغسيل والرز العنبر وبهذا كانت الفائدة متبادلة محلياً ولم تضطر الشركات والمعامل لإعلان افلاسها واعتمادها على الواردات النفطية ، كما ان اهمال الدولة للشركة العامة للمواد الانشائية وعدم تعاقدها مع الشركات الرصينة ، لتوفير المواد اللازمة للبناء جعلت منها شركة استهلاكية لا تقدم مردودات مالية للدولة ، ونفس الحال هذا مع الاسواق المركزية التي كانت توفر الكثير من المواد الجيدة وبأسعار تنافسية مع السوق المحلية مما جعل الموطن او الموظف بشكل عام يختار الشراء من هذه الاسواق التابعة للدولة دون السوق المحلية وهذا الاهمال من جانب وزارة التجارة للدوائر التابعة لها والمرتبطة بحاجة المواطن اثقل كاهل الدولة ايضاً والمواطن والموظف على حد السوء فمن جهة وجدت الدولة نفسها انها تؤمن للكثير من الموظفين رواتبهم من واردات النفط بينما كانت هذه المؤسسات تمول نفسها ذاتياً وترسل المتحقق من الواردات الملية الى خزينة الدولة ومن جهة اخرى لم يجد المواطن حاجته التي كان يتوقع وجودها في هذه الدوائر التي كانت تؤمن له المادة التنافسية مع مواد الاسواق المحلية وبالتالي اصبح عازفاً عن هذه المؤسسات لأنها اصبحت مؤسسات استهلاكية وليست خدمية وإنتاجية ولهذا يجب ان تحضى هذه المؤسسات باهتمام وزارة التجارة كونها ذات العلاقة ، كما ان وزارة الصناعة والمعادن تمتلك شركات كثيرة وكبيرة ولكنها تعد الاكثر افلاساً نظراً لاعتمادها على التمويل الذاتي ولكنها دمرت وتم هيكلتها ودمجها او تحويل موظفيها الى الوزارات الاخرى ومن الشركة العامة للمنتوجات الجلدية وهي مؤسسة انتاجية عملاقة توفر الكثير من التجهيزات التي يمكن ان توفر الكثير من العملة الصعبة للبلاد من خلال توجيه الوزارات الامنية بشراء المنتجات المحلية وعدم شراء منتجات مستوردة للعسكريين لأنها منتجات مطابقة للمواصفات العالمية من حيث الجودة والأنواع وبهذا تكون هذه المؤسسات فاعلة ومستمرة في عملها نتيجة الطلب والعرض الذي يتحدد في السوق المحلية اذ ما الزمت الدولة مؤسساتها بضرورة شراء المنتج المحلي لمنتسبيها وعدم التعاقد مع شركات من الخارج لتوريد التجهيزات وبهذا تستطيع الدولة ان تحد من الفساد بتعامل مؤسسات الدولة مع بعضها وتشغيل الايدي العاملة العاطلة عن العمل والتي تعاني مؤسساتها من الافلاس وان إهمال الدولة للكثير من المصانع والمعامل في البلاد جعلت منها مصانع ومعامل خاسرة وموظفيها ثقلاً كبيراً على موازنة الدولة بينما كانت هذه المؤسسات تؤمن لنفسها الموارد المالية وتساهم في رفد الدولة بالكثير من العملات الصعبة كونها كانت تصدر الفائض من منتجاتها الى الخارج ، ولهذا يجب ان يكون للمسؤول بعد نظر يحقق ربحاً للدولة وليس استهلاكاً للموارد في غير محله وهذا ما سبب انحداراً كبيراً في اقتصاد الدولة منذ سنوات سابقة الى يومنا هذا ويجب توجيه الموارد بالشكل الامثل لبناء المؤسسات وتعزيز قدرتها على النجاح ومواكبة التطور للنهوض بالواقع الزراعي والصناعي والتجاري في البلد ولتساهم هذه القطاعات مع القطاع النفطي في رفد خزينة الدولة بالواردات المالية وتأمين العملة الصعبة للبلد والنهوض بقطاعاته المختلفة لتجاوز الازمات الاقتصادية كما اني اشُكل على لوزرة المعنية بتخفيض الفيزة الى دولار واحد من 80 دولار في ايام زيارة الاربعين للإمام الحسين عليه السلام لان هذا التخفيض ليس فيه جدوى اقتصادية فعدد الزائرين للعتبات المقدسة بلغ ثلاثة ملايين ونصف كأقل تقدير ولو كان التخفيض الى 10 دولار لحققت الوزارة ذات العلاقة مبلغ وقدره 35 مليون دولار بدلاً من ثلاثة ملايين ونصف وهو حسابات وأرقام اذا ما استخدمت بطريقة علمية سوف تؤمن غطاءاً مالياً كبيراً يساهم في رفد موازنة الدولة للأعوام القادمة .
مقالات اخرى للكاتب