منذ اندلاع الحرب العراقية الايرانية عام 1980 كان هناك آلاف الاسرى من الطرفين، وبعد ثمانية أعوام من القتال والخسائر الكبيرة بالرواح والاموال والتنمية، وزرع الفتنة بين الشعبين الجارين، اعلن الطرفان بعد عامين بأن لا يوجد اي اسير لدى الطرف الآخر .. والكل يعرف بأن هذا الكلام هو للتسويق الدبلوماسي والاعلامي فقط، واثبت هذا الحديث بعد سقوط الطاغية عام 2003 عندما وصلت وجبة من الاسرى الى ارض الوطن.
وفي مبادرة وطنية وقومية تستحق الثناء والتقدير قام وفد من مكتب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري بزيارة سفارة جمهورية ايران الاسلامية في العاصمة كوبنهاكن في الدنمارك، وتسليمهم قائمة بأسماء الاسرى او المفقودين او مجهولي المصير من تلك الحرب.
وبعد هذه الخطوة الحريصة على معرفة مصير هؤلاء الاسرى تحرك الحماس في صفوف اهالي هؤلاء الاشخاص واقاربهم، وبداءت الخطوط وشبكة الانترنيت باستلام المكالمات والايميلات من جميع دول العالم ان كان للزملاء في المجلس الشعبي او الاحزاب او المنظمات الإنسانية والثقافية الآخرى لمعرفة تفاصيل هذه الاخبار او عن المحاولات التي تقوم بها الجهة المبادرة .. لان الدعايات اخذت بالانتشار، والجميع يرغب بمعرفة ما يجري.
وفي عام 2000 اقام السيد بيان جبر مسؤول المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق في سوريا ولبنان ندوة في مدينة ديربورن بعد الانتهاء منها .. طلبت منه ان يقوم الشهيد محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الاعلى لما له مكانة متميزة لدى الحكومة الايرانية انذاك، بمعرفة مصير الاسرى من ابناء الشعب المسيحي الذين كانوا مجبرين في زجهم بهذه الحرب، وان عوائلهم لا زالوا يعانون من مرارة الفراق والعذاب .. رحب بالفكرة وقال لي عند رجوعي سوف اتحدث مع سماحة السيد ارجو ان تتصل بي بعد اسبوعين .. اتصلت به وكان مسرورا ً ومتحمسا ً، وقال ان السيد يخصكم بالسلام ومستعد لان يتدخل في هذا الموضوع الإنساني، وطلب مني الاسماء، بعد فترة ليست بالقصير ارسلت له الاسماء، وقال لي اخ حميد انا سوف اتابع هذا الملف والله ولي التوفيق .. وبعد فترة اكثر من شهرين جددنا الاتصال به ( اعلمني بأن هذا الملف يحتاج الى وقت ) وقال ان السيد الحكيم سوف يبقى يتابع الموضوع.
والمعروف دوليا ً انه عند اندلاع اي حرب بين طرفين يكون هناك اسرى وفور انتهائها تباشر الدولتين بارجاع الاسرى لا سيما الجنود، ولحسابات خاصة ربما تحتفظ برتب كبيرة معينة، لكن الغريب انه رجع قسم من هؤلاء الاسرى بعد اعوام من انتهاء الحرب، وهم برتبة جنود فقط، ولهذا السبب فان لدى اهالي الاسرى الامل بأن يكون ولدهم لا يزال على قيد الحياة .. لان الروايات انتشرت بكثرة فان اية وجبة كانت تاتي تقول نعم هناك اسرى في معسكرات مختلفة وهي منتشرة في المدن الايرانية، ويقولون راينا الاسير الفلاني كان معنا، وتم نقله الى مكان آخر .. فيبقى الناس ينتظرون تحديد مصيرهم، على امل رؤية شبابهم مرة آخرى.
ولجنة الصليب الاحمر الدولية لا زالت تبحث عن الآلاف من الجنود المفقودين بين البلدين رغم التحديات الكبيرة، وخلال الخمس سنوات الاخيرة عثرت بالتعاون مع السلطات العراقية والايرانية على ( 800 ) من رفات الضحايا، واصبح العراق مستلم رفات ( 2139 ) عسكريا ً .. وايران استلمت رفات ( 1451 ) عسكريا ً في خمس وعشرين عملية تبادل بين البلدين.
وخلال هذه الايام سيجتمع وفدين من العراق وايران في جنيف بمشاركة لجنة الصليب الاحمر الدولية ( لتحديد مصير المفقودين من جراء تلك الحرب بين البلدين ).
ومن خلال متابعتنا لهذا الموضوع مع الجهات ذات العلاقة ( اعلمونا بأن لا يوجد اي اسير قد رجع من ايران )، في حال وجود اي عملية تبادل للاسرى ستكون بمراسيم رسمية من قبل الدولة العراقية وايران والصليب الاحمر بحضور وسائل الاعلام المحلية والعالمية.
كلنا أمل في حال وجود اي اسير في ايران ان تقوم الحكومة الايرانية بإطلاق سراحهم، واغلاق هذا الملف لكي يحسم هذا الامر لدى الاهالي، وان تقوم الدولة العراقية بمنح حقوق كافة المفقودين.
مقالات اخرى للكاتب