لما اصبح الصيف قائضا بالحر ، و اصاب الناس من الشمس الضر ، ارتحل بعض اهل العراق الى شمال بلادهم ، حيث جو كردستان ، يحكمها مسعود بن آل برزان .
و كان من بين المرتحلين الشاعر البغدادي حطامة ابن الاغبر ، الذي اخذ زوجته المكرودة بنت المظلوم و المعروفه بــ( جور الزمان ) الى تلك الاجواء ، راكبين على بغلتهم (ضيومة) .
لكن ابن الاغبر لما مر من هناك ، وجد رجالا بسراويل ، حفروا انبوبا و امسكوا براميل ، كلامهم الرطين ، و غنائهم الهيوه و الونين ، و لما سال عنهم ، بان له انهم يصدرون نفط الاقليم ، و لا يعطون لبغداد من ماله مليم ، فثارت ثورة ابن الاغبر حتى قرر نسيان السفره ، مصمما هذه المره ، على الدخول على حاكم كردستان ، مسعود ال برزان .
فلما وصل الى حصنه الحصين ، في منتجع صلاح الدين ، اوقف بغلته ضيومة ، و ترجل منها و ترك معها زوجته المكرودة ، و دخل الى بيت مسعود ، متجاهلا الـ(اسايش ) و حرس الحدود ، فلما دخل عليه وجده بجسمٍ ممدود ، و ساقٌ على ساقٍ معقود ، يلحس ابهامه ، و يعد بها العائدات من النقود .
فتنحنح حطامة ، فاوجس مسعود خيفة من صوته ، و التفت اليه ، و لما عرفه اخفى النقود من يده و تبسم ، فقد كان كل ساسة العراق يخشون لسان حطامة ابن الاغبر و يعرفونه .
فقال حطامة :
من سرقَ الموطنَ قد ضرّهُ ..
و زاد فوق خيرهِ شرهُ ..
سرقتَ نفطَ الشعب يا " كاكةً " ..
تظن ان الحالَ " كلمن لهو " .. ؟؟!
فقال مسعود : قطعتم رواتبنا ، فبعنا من نفطكم !
اجاب ابن الاغبر :
ذيل الذي نبحَ الليالِ بطولها ..
معوجُّ يبقى كالهلالِ الاعوجِ ..
اين الوعود و اغنياتٍ قد مضت :
" كرداً و عرباً للنضالِ فـ(هربجي) " ؟؟
فضحك برزاني ، و قال : اي هربجةٍ و نحن نريد تقرير المصير ؟ فرد ابن الاغبر : قرر مصيرك ، و اخسر بلادك و نصيرك ، فلتقعدن بلاد فارس و عثمان ، على ابواب كرستان ، و لن يلحكلك روز شاويس و لا نيجرفان ، و لتجعلن رجليك تضرب بعجزك من سرعة الهرب ، و لتبكينّ كي تناصرك العرب ، و لتبقين لا فلسا و لا عانه ، فلن تنفعك شقلاوة و لا شنكل بانه .
فرد برزاني وهو يريد تهدئة ابن الاغبر :
ايا كاكا لم نقدر على دفع الرواتب ..
و انك صرت لا تفهم اراكا ..
فيا كاكا فردّ الى ديارك ..
و دعني هنا و رد الى هناكا ..
فضحك ابن الاغبر من فصاحة برزاني ، و تركه و توجه الى الباب ، ولما اراد الخروج التفت الى مسعود و قال :
هذا ما اتانا من ذي الاقلَمه ..
و ابنُ جحرِ الجبلِ قد قَسّمه ..
كان ظني انكم من ذا الوطن ..
تالي خان الوطن شو " كاكا حَمه " !!
ثم خرج و ترك مسعوداً بحاله و رد الى بغلته ، و لما سالته المكروده عما فعله مع كاكا مسعود .. قال و هو يركب بغلته :
سيرا .. سيرخمه سيرا ..
سيرا .. مسعود سيرا !!
ميراث الاباء للابناء في عدل ولاة المنطقة الخضراء
لبديع الزمان
رسلي المالكي
10-7-2014