مازالت نتائج الجرح العميق الذي حدث في حي الكرادة تثير كثير من التساؤلات .. وتبقى الاجابات محيرة ويبقى السائل مسؤول والمواطن في ذهول وهو في كل ما يفعل مشلولالارادة لانه في كل الاحوال سينسى بعد ايام ضحاياه كالعادة .. لكن انفجار الكرادة بثير عشرات الاسئلة وزياده لانه خلق حريق واسع استخدمت فيه مادة هي اقرب الى حرب ابادة .. فما هي هذه المادة .. هذه المادة لم تترك اثرا تدميريا مثلما كان يحدث في اي انفجار تقليدي بقدر ما الحقت حرائق كان نتائجها تفحم جثث الضحايا التي مازالت هوياتهم مجهولة .وتشير الادلة والمشاهدات بعد الحادث ان الحرائق حدثت نتيجة استخدام الارهابيين مادة حارقة انتشرت بسرعة فائقة في مكان الحادث من المحتمل ان تكون مادة " النابالم " وهي نوع من القنابل الحارقة مصنوعة من وقود تهدف تركيبتها الى الحاق حرائق وحروق تلتصق بالاشخاص والاجسام المختلفة .. وحظرت اتفاقية الامم المتحدة استخدامها ضد السكان المدنيين وينجم عن انفجارها نشر مزيج بترولي لزج يلتهب مباشرة مشعلا حرائق يستحيل اخمادها وقد استخدمت القوات الامريكية هذا النوع من القنابل في حرب فيتنام لاحراق الادغال وكسح الالغام والشراك والخداع التي استخدمها المقاتلون الفيتناميون خلال خوضهم حرب العصابات ضد القوات الامريكية .. ومهما يكن نوع هذه القنابل فان استخدامها ضد الموطنين المدنيين يعتبر جريمة بحق الانسانية وتندرج ضمن جرائم الحرب التي يحاسب عليها القانون الدولي ..
فضحايا هذه القنابل الذين تفحمت جثثهم ليسوا مقاتلون يحملون السلاح يجلسون في مقهى لاحتساء الشاي بعد معارك شرسة خاضوها في صحراء الانبار كما انهم ليسوا سياسيين لجأوا الى مقهى هربا من اسوار المنطقة الخضراء المحصنة التي يحتمون بها بل جلهم اطفال ونساء وشباب بعمر الورد جاءوا لقضاء اوقات رومانسية وهم يستمعون لانغام موسيقى هادئة فاذا هذه الموسيقى تحولت خلال دقائق الى سمفونية ليست ككل السمفونيات ..
سمفونية كتب مفرداتها ملك الموت وعزف على اوتار آلاتها الموسيقية اناس لايعرفون غير لغة القتل والدمار فخرجت من بين اوتارها اصوات اكثر شبها باصوات الغربان وهي تنعق بصوتها القبيح معلنة عن قرب حدوث الكارثة .. ويتشائم سكان بغداد من صوت الغراب ويعتبرونه نذير شؤم كلما سمعوه مثلما تتشائم العائلات البغدادية الراقية من صوت الطاوس ويقال ان احدى اميرات القصر الملكي وقبيل محاصرته من قبل العسكر عام 1958 وقتل العائلة المالكة استشعرت بحدوث خطر سيداهم عائلتها حال سماعها اصوات قبيحة تصدر من طاوس اعتادت العائلة المالكة تربيته في حديقة القصر .. اصوات تشبه صرخات الموت التي تطلقها نساء بغداد .. فكم طاوس سياسي ينتشر حاليا في بغداد يطلق صوته القبيح ليؤشر حقده الاسود ليلحق مزيدا من الدمار وتدبير عمليات قتل الابرياء وهم يطلقون صرخات الموت .. صرخات جاءت بعبرات الشهداء التي تصرخ منادية " وينكم لقد قتلتم الابرياء بغير ذنب .. الويل لكم من يوما اسود ان جاء محملا معه خطاياكم تحاسبكم ويبدأ الضرب من يوما يبدأ الحساب به يحاصركم من كل الارجاء يا من حسبتم انفسكم انتم في بلادكم واهل البلاد هم غرباء يا من نسيتم قدرة الله ان الله يدمركم ان شاء "ووسط هذه المتاهات يمشي الدمار ليخلق مزيدا من الموتى وهم محمولين في توابيت خشبية الخشبية وينتشر الجياع وهم محرومون من رغيف خبز سرقه عاهر ومات حلم الاطفال بعد ان احترق من يأويهم .. وتبقى قصة العراق نهر من الدم يراق .. وكم من الصعب ان يلم الانسان حطامه من بين الانقاض .. فمتى يستيقظ نداء الاستغاثة ليوقظ ضمائر الساسة وهم لايسمعون مزامير الجوع لانهم منشغلون بكتابة ارقام حساباتهم وتلوثة عقولهم بلون الدم من هوس السلطة .. فيا ايها النائمون فوق الحرير احذروا فان الشعب قد حدد المسير وسيسحقكم بطير ابابيل ترميكم بحجارة من سجيل .. يا ايها الساسة احذروا فقد طفح الكيل بعد ان اختنق الشعب بدخان وحرائق الموت .. ولكن من يسمع نداء المستغيثين الذين اصبح الصبر هو مفتاحهم .. وتبقى الحكاية لها بداية وليس لها نهاية .. لكن صدقوني مع كل صرخة جوع تكون النهاية .
مقالات اخرى للكاتب