إنه لأمر غريب حقا .. أن نكررها في كل مرة , عمدا وتعسفا وتجاهلا .. من قبل جميع المواطنين والأهالي والحكومة بل وحتى المؤسسات الإعلامية كافة .. التي تتعمد تعتيم الضوء وتشويش الصورة عليها ولم تذكرها قاطبة .. وتكتفي بإثارة صورة واحدة للمرأة إلا وهي ( أم الشهيد ) ..متجاهلة تماما إن المرأة أيضا هي شهيدة وضحية من ضحايا جرائم التفجير الإرهابي وقد تكون كذلك شابة أو كبيرة في العمر فأين (( أم الشهيدة )) ...
هل من الممكن أن يكون ل داعش آلية استخباراتية خاصة عالية المستوى جدا تمكنه من إبعاد جميع النساء وإخلائهن من مكان الحادث قبل تنفيذ التفجير فيه, بحيث يبقي الضحية على الرجال شهوة من دون النساء ... هذا ما لا يستوعبه عقل ولا يهضمه منطق ..
ففي كل مرة السيناريو يكرر نفسه , أسفرَ التفجير عن مقل أو استشهاد عشرات المواطنين وإصابة آخرين ولم يذكروا أية ضحيا للنساء .. كما نلاحظ ردود أفعال المواطنين , صور الشباب والصرخات تتعالى وبكاء ونحيب الأمهات على أبناءهن الشهداء ,طالما ابكينا كثيرا في شاشات التلفاز لمجرد أن نرى دمعة واحدة أو كلمة منهن او لمجرد ذكر مقولة الله يصبر (أم الشهيد ) رحم الله شهدائنا الأبرار جميعا يعز علنيا فراقكم جميعا وصبر الله أمهاتكم وذويكم , فلا يوجد شيء بالعالم كله ممكن أن يعوض الأم بفقيدها ..
لكننا في الوقت نفسه نسأل عن (( أم الشهيدة )) , لم نجد ولا لمرة واحدة , دمعة واحدة أو صرخة واحدة لرجلُ كان أو امرأة على بنتهم أو أختهم ...ممكن أن يذكروا أحيانا صورة لطفلة دون العاشرة من العمر يستخدمها الإعلام للإثارة العاطفية وتعلق صور الشباب والأطفال ولا يوجد للمرأة أي وجه, ولا حتى أسم , يذكر على لافته سوداء .. كم مظلومة هي المرأة في العراق , حتى بوفاتها لا يشهرون عنها ,ولم يأخذوا بثأرها من أي جرم أو خطر تتعرض إليه , ففي جريمة الشرف المزعومة يقومون بقتلها بينما يتركوا الجاني حرا طليقا .. حتى بالإرهاب الذي يستهدف الوطن ويقتل الإنسانية يخبئون ضحيتها ويتسترون عن جريمة هدر حياتها وقتلها أخيرا ..الهم إني أشهد ولا اعرف ما السبب يشهرون ويحصون وفاتها بالحوادث المرورية فقط ربما في ذلك تعويض مالي عشائري .. ومن مظلومية المرأة حتى في وفاتها لم يذكروا أسمها والاكتفاء فقط ب يافطة سوداء مكتوب عليها انتقلت إلى رحمة الله زوجة الحاج كريمة الحاج شقيقة الحاج أو الدكتور أو الأستاذ .. إلخ
كما هو معروف في كل حدث إرهابي لم تعطى بدقة أعداد الضحايا الحقيقية , لأسباب سياسية معروفة بالضبط كما هو الحال مع الحادث الإرهابي الشنيع في الكرادة مؤخرا ,حيث أعلت وزيرة الصحة إن عدد الشهداء ما يقارب 292 واكتفت بذلك الرقم دون تصنيف كم من الرجال ومن النساء والأطفال , بحيث يصورن الحدث إنهم مجموعة من الشباب قد ماتوا , متحججين بالمقاطع الصوتية والصور لمن سجلوا في طابق الكافي شوي التي نشرت لهم قبل أن يصل إليهم الحريق رحمهم الله .. متناسين تماما النساء المتواجدات في محلات بيع الألبسة والأصباغ والعطور ..؟
كلنا نعلم والجميع يعلم حتى أصغر شاهد من أهالي الكرادة إن هذا الرقم غير صحيح .. ضعف ضعفه قد سقط شهيدا ومصابا بسبب اكتظاظ الشارع بالمبضعين والمارة .. وللنساء كان النصيب الأكبر من هذا الحادث الإجرامي فتشير الإحصائيات الأولية أن أما يقارب 150 جثة للنساء في الطب العدلي وحوالي 170 امرأة من بين المفقودين بلا جثث ..وسط تغاضي إعلامي وصمت مجتمعي كبير ..
نحن نحتاج إلى نظام أخلاقي يتعامل مع المرأة كإنسان في كل شيء وليست عورة نخبئها ونهمشها في الحياة والممات , كما يجب على المؤسسات الإعلامية سواء الحكومية منها أو غير الحكومية أن تتحمل المسؤولية قاطبة .. وتسلط الضوء بموضوعية تامة على قضايا المجتمع ومعالجتها وإظهار صورة ( أم الشهيدة ) وإيقاظ المجتمع المخدر بالعادات والتقاليد وبفيلم أسطورة الهيمنة الذكورية .. كما يتوجب على وزارة الصحة حساب وفرز ضحايا التفجيرات الإرهابية من الإناث والذكور, إشهادا بمواطنتها وكذا لأجل أن تدخل ضمن مؤسسة الشهداء وينال أبنائها حقوق الشهيدة , تلك قضية مهمة وليست بهامشية ...
قال تعالى ( وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت ) ...
مقالات اخرى للكاتب