إن الكم الهائل من الصراعات السياسية التي تعيشها المنطقة العربية بشكل عام وفقا لمبدأ التوريث التي تقاد به الأمة ..أدى إلى صف المجتمعات العربية في شعبتين , الأولى : معبودية السلطان , وهي انقياد الأمة لإرادة السلطان التحكيمية في باب السياسة , والثانية : الانقياد لرؤساء المذاهب والمثل بعنوان العبودية , أي إن هناك شعبتين للاستبداد هما الاستبداد السياسي والاستعباد الديني .. وفيم يقوم القسم الأول على القهر والاستبداد فإن القسم الثاني يقوم على الخداع والتدليس .. وبشكل عام فالاستبداد منتج طبيعي للفساد ومنجب تلقائي للاستعمار حصيلة تاريخية .
وبناءا على ذلك ظهرت نوعين من التيارات العربية هما القوميين والعروبين. قام المشروع القومي على أساس الدولة العربية والمواطنة الصالحة والإسلامي العروبي على إقامة دولة خلافة إسلامية مقرونة بعقيدة تجسد صورة الله بنصوص متوحشة فمثلا أصبح من يؤمن بخلافتي كافر كالذين لا يؤمنون بالخلافة العباسية في بغداد لوجب قتله وبذات السمة فالذين لا يؤمنون بدولة العراق والشام لوجب نحره فكل الأمور لها مصادرها التاريخية والصراع تحول إلى صراع هوياتي على السلطة ..
إن استباحة العراق على يد الأمريكان بعد غزو الكويت قد قسم الجماعات السلفية وأنتج مصادر تسلح الشيعة في العراق .. وهذا ما لا يرضي التيارات السلفية على اعتبار إن الشيعة كفار في نظرهم لذلك أنشئوا قواعدهم الإرهابية التي تعمل لحساب أمريكا وحلفائها في حالة التقسيم والاستعمار وضدها في حالة التقليص والاستبعاد.. بدليل إن من قاوم الاحتلال الأمريكي بعد سقوط نظام صدام عام 2003 ... لم يكونوا القاعدة بل من شاركوا هم مجموعات من مختلف أطياف الشعب العراقي إضافة إلى وجود مجاميع صدت مشاريع أميركا وبريمر في تقسيم العراق غير مدركين تماما لما سيحدث مستقبلا من الموجودات الإقليمية ومشاريعها التوسعية على أراضيه .. مكتفين بانسحاب الاحتلال تاركين الساحة للعنصر الأقوى وفق نظام التعددية الحزبية ذات المنشئ الديني .. بحيث أنتجوا حكومة تفتقد إلى التنظيم السياسي والديني والثقافي .. تعمل على أساس الوصول إلى السلطة فقط بدلا من أن تكون مشاريع اجتماعية ..
بات المواطن العراقي في ظل النظام التعددي يفتقر إلى أبسط حقوق المواطنة فشل تنموي مع إهمال تطبيق سيادة القانون .. فليس أمامه من طريق سوى أن يستغيث ب طوق النجاة للخلاص من مهلكي الدولة .. واذا به يتسمع من جديد لصرخات من أبصموا لهم واصموهم وأبكوهم جوعا وأغرقوهم دما ف (اللاوعي الجمعي ) في العقل الشعبي المعبأ برموز ديكتاتورية ودينية الذي أصبح يؤثر على قناعات والقرارات والذات الخارجية يتسيد الموقف..
فعلى المواطن اليوم أن يقود نفسه بنفسه.. ويحترم ما يختلف عنه و يتفاعل مع الآخرين ويسهم في بناء المجتمع المدني الذي لا يسعى للوصل إلى السلطة بل يسعى إلى التأثير على السلطة وتطويرها ومساعدتها ...
قال تعالى : (ومنهم أميون لا يعلمون) و (الذين اتخذوا أحبارهُم ورهبانهم أربابا من دون الله ) التوبة 31
ملاحظة
المقصود بالسيد هنا (هو من ساد على قومه و أتباعه بغض النظر عن نسبه وانتماءه هذا وقد ثبت أنه قد تورط بأكل حقوق الناس وضحك على الذقون لكسب الجاه والسلطة ) ..
مقالات اخرى للكاتب