من ضمن فواجع العراقيين ، وما أكثر فواجعنا قديماً وحاضراً ، مأساة المهجرين الجدد عن وطنهم عبورا مختلف البحار والغابات وسكك الحديد وجحيم الاسلاك الشائكة وانتهاكات حقوق الانسان على يد بعض حرس الحدود ...... وغير ذلك كثير .
أن أسباب لجوء هذا العدد المخيف من شبابنا الى مغادرة الوطن يتعدى رغبة العيش تحت ظل العلم الاوربي والتمتع بنزهات حرة لا تعيقها سيطرات أمنية أوالتردد على مطاعم الوجبات السريعة متى شاءوا .
من جانب آخر يظهر الترحيب الاوروبي والالماني على وجه الخصوص بتوافد المهجرين وابداء المرونه في استقبالهم جيدا في ظاهره ، لكنه يخفي امورا واسبابا مبيتة منذ عقود أذا ما سلمنا بأن اصحاب القرار هناك لا يخططون ارتجالا .
أحاول بيان رأيي الشخصي في الاسباب خلال بضع نقاط مختصرة جدا وبعيدا عن نظرية المؤامرة :-
1. الوضع في اوروبا
تعاني اوروبا منذ اربعة عقود خلت تقريبا مشكلة خطيرة هي التناقص الحاد في اعداد الرجال
حسب تقارير رسمية حاولت حكومات تلك البلدان أخفاءها لفترة محدودة . يذكر احد التقارير ان تراجعا في عدد السكان بمقدار 20% سيحصل في عام 2050 عما هو عليه ألآن. وان هناك خشية من تزايد نسبة هذا التراجع عن المذكور
أن تدني نسبة الولادات بسبب عدم الرغبة في الانجاب وشيوع حالات الاجهاض واستعمال علاجات منع الحمل وتبني فكرة العيش برفاه بعيدا عن مشاكل الابوة وصخب الاطفال وارتفاع تكاليف تربيتهم .. من بعض اسباب االمشكل .
من الملفت ان تراجع معدلات الخصوبة بشكل حاد وخطير يعزى الى بعض اسباب جدية مثل أمراض الجهاز التناسلي المزمنة والتلوث البيئي وتدني سرعة وعدد الحيوانات المنوية لدى اعداد هائلة من الرجال وتزايد معدلات الاصابة بسرطان الخصية والعيوب الخلقية في الجهاز التناسلي ما ينذر بأختفاء الاسرة ألأوربية وبالتالي أختفاء اوروبا كما حذر منه البابا بيندكت السادس .
.
ونتيجة لما تقدم ذكره فان اوروبا تعاني من نقص في الايدي العامله وخاصة في مجال تقنية المعلومات وتشير الدراسات الى ان عدد الذين هم في سن العمل سينخفض خلال بضع سنوات قليلة قادمة الى نحو 48 مليون نسمة في اوروبا كلها.
وهناك مسألة مهمة باتت تقلق اصحاب القرار بسبب تراجع نسبة المواليد وهي التاثير سلبا على تعزيز الموارد البشرية لجيوش اوروبا وتطوير اسلحتها .
اوروبا تشيخ وهي تحاول استعادة شبابها من خلال تسهيل أجراءات استقبال المهجرين والسعي الى دمجهم في مجتمعاتها . لكن هل سيعود اليها شبابها الضائع على يد من هجرتهم عن مواطنهم ؟!
2. ألوضع في العراق
يختلف العراقي عن الاوربي في حبه لتكوين أسرة متماسكة وعشقه لتربية ابناء وتنشئتهم ليكونوا عاملين ومنتجين . غريزة الابوة والامومة عميقة في قلوبهم . لكن كيف يتسنى للشاب تحقيق طموحه في الحياة الاسرية بدون الحصول على ابسط حقوقه في الحياة وهو العمل ليعود عليه بوارد محترم يمكنه من أعالة اسرة وابناء مثقفين ومبدعين ؟!
ان تزايد اعداد العاطلين وخاصة حملة الشهادات الاولية والعليا على السواء وظهور طبقة فاسدة شرهة حد القرف من اصحاب قرار التعيينات ( قوادوا الوظائف ) الذين أسسوا تسعيرة رهيبة لكل وظيفة خلق سببا كافيا للهروب من هذا الجحيم ألى غربة اضطرارية هي في نظر الشاب حجيما هينا سيكون جنة أذا ما قورن بجحيم الوطن !
أوروبا تعلم بهذا الحال وقد خططت له منذ عدة عقود وبتأني من خلال ايجاد مسؤولين مرتشين في حكومات نفذت من جملة ما مطلوب منها وهو التضييق على فرص عمل الشباب الى اقصى حدود التضييق ما ينفرهم من مجتمعاتهم ناهيك عما أعملته حروب أوروبا ( الحبابة ) وأرهابيها وعصاباتها من تقتيل للناس وفئة الشباب منهم خاصة .
ولا أنسى هنا الارتفاع الجنوني في تكلفات ابسط احتياجات العيش من خبز وخضار بسبب سيطرة المسؤولين الفاسدين وعوائلهم على هذا الجانب الحيوي ما أعدم الطبقة الوسطى أعداما قاسيا وحشيا وخلق من هذه الطبقة المثقفة الواعية طبقة معدمة مسحوقة لا تفكر في شيء سوى معدتها تقابلها طبقة من اثرياء الحرام توغل في أعدام ألآخرين من سواها دونما اي حساب أو عقاب .
برنامج تم تنفيذه وبهدوء على مدى عقود !
3. مصير المهجرين
سوف تحتضن أوروبا الفئة الكفوءة والتخصصية قبل غيرها وتقدم لها كافة التسهيلات ومنها الجنسية والجواز والسكن المريح وتبرم معها العقود الكفيلة بعدم عودتهم الى وطنهم الا لاغراض الزيارة وتحت شروط ربما منها عدم السماح لكافة العائلة بالتمتع بزيارة اهليهم في آن واحد .
هؤلاء سيندمجون في المجتمع الجديد وسيكون ابناؤهم اللبنة الجديدة لأعادة شباب اوربا .
أما الفئة ألاخرى وهي التي لا تتمتع بالكفاءة فربما سيتم غسل ادمغة بعضهم بمختلف الطرق المخابراتية الشيطانية لأعداد جيش من المرتزقة جاهزين للعمل في بلدهم أو بلدان أخرى عند الطلب .
4. موقف الولايات المتحدة الاميركية
بطبيعة الحال لن تقف اميركا متفرجة على المشهد فلديها أفرادها المنتشرين في كل البقاع والذين سيفرزون من كل المهجرين ألأعلى كفاءة وقدرة علمية ليعمل في بلد الحرية الحبابة جدا !
5. النتيجة
هل توجد كارثة أعظم من أفراغ العراق ممن يدافع عنه ضد اي عدوان ؟؟؟
6. موقف الحكومة العراقية
أسخف موقف بل ابشعه وربما اكثر مدعاة للسخرية هو دعوة وزير الهجرة والمهجرين الى التحرك العاجل باتخاذ قرارات رصينة تكفل للمواطنين وبأﻻخص فئة الشباب العيش الكريم و طمأنة من يفكر بالهجرة وعودة من هاجر في تلك الموجة الأخيرة وتوفير لهم الظروف الملائمة التي يبحثون عنها في تلك البلدان .
أين كنت يا معالي الوزير ؟؟ صح النوم ....ماهي الظروف الملائمة وكيف ؟؟؟؟؟
ملاحظة :- مهجرون وليسوا مهاجرين .
مقالات اخرى للكاتب