السجال الاخير الذي دار بين السيد مقتدى الصدر ومكتب رئيس الوزراء ، بدا لمن تابعه جديداً في لغة التخاطب وشرساً في مواجهة السهام التي يطلقها الصدر من النجف باتجاه (حليفه – عدوه في ان واحد) نوري المالكي ، الذي ظل فترة طويلة يتجنب الرد المباشر على الصدر وانتقاداتهِ الشديدة واللاذعة لسياسات الفشل والاخفاق الحكومي والفساد والانقسام الذي صار سمة الولايتين اللتين حظي بهما زعيم "الدعوة الاسلامية " بتأييد الصدريين الذين لعبوا دوراً حاسماً في ترجيح كفتهِ اضطراراً كما قال الصدر في مقابلة صحفية اجريت معه مؤخراً . الصدر الذي لم يك يتوقع رداً مثل هذا ، او لعلهُ توقع ان يحاول مكتب المالكي ان يعيد السهم الى راميه ، بدا اكثر هدوءً محاولاً امتصاص غضب انصاره الذين ازعجتهم على ما يبدو لغة التهديد المبطنة التي احتواها بيان المالكي الذي نشر على موقع مجلس الوزراء وحذف بعد اربع ساعات فقط من نشره ِ . البيان الذي جاء فيه ولأول مرة اتهام مباشر للسيد الصدر بالتواطؤ مع دول اقليمية لم يسمها ضد مصالح العراق في اشارة الى تحسن علاقات الصدر مع بعض الدول الاقليمية، يعكس رغبة واضحة في التصعيد وعدم احتواء المواقف خصوصاً في الساحة الشيعية – الشيعية ، تواجه استحقاقات خطيرة ليس اقلها الخوف من حصول انتكاسة كبيرة في الانتخابات البرلمانية القادمة وتراجع حظوظ القوى الاسلامية الحاكمة اليوم والحديث عن تدخل اقليمي واسع هذه المرة لقلب المعادلة عبر صناديق الاقتراع اذن هذا البيان تصرف اقل ما يقال بحقهِ انه متسرع وغير مدروس بدليل رفعه بعد ساعات قليلة من نشره ِ. كما ان انتقادات الصدر وان كانت لاذعة وعنيفة في بعض الاحيان فقد كان يجب ان تناقش بهدوء بعيداً عن وسائل الاعلام وان يجري التواصل مع الصدر بشكل مباشر او عبر ممثليه في الحكومة والبرلمان وشرح ابعاد زيارة المالكي الذي كان يجب عليه ان لا ينفعل لمجرد اتهام لزيارتهِ لواشنطن بأنها للحصول على ولاية ثالثة. لكن يبدو ان البيان بلغتهِ هذه كما لو انه اللحظة التي انتهزها الفريق الحكومي المحيط برئيس الوزراء لقطع " شعرة معاوية " والى الابد ، او الدفع باتجاه جر الصدر الى الصدام العنيف مع المالكي عبر الحكومة وايقاعهِ في فخ الصدام مع الحكومة بالضرورة ومحاصرتهِ في زاوية ضيقة . واعتقد ان هذا خطأ واضرار جسيم بمصالح التحالف الوطني ككل وفتح جبهة داخلية يصعب التكهن بنتائجها ومدى اضرارها بشارع يبدو الان اكثر خوفاً ورعباً من القادم من الايام وخصوصاً مع اقتراب موعد المنازلة الانتخابية التي يمني فريق رئيس الوزراء النفس بالحصول على تأييد شعبي اخر لترشيحه لولاية ثالثة ، فيما تستمر قوى الرفض الشيعي بالتحالف والتنسيق مع السنية والكردية بانزال المزيد من الضربات الموجعة بفريق حكومي لم يعد قادراً على احتمال مثل هذه الضربات غير اللجوء الى لغة التصعيد ورمي الكثير من الحجر على شركاء باتوا الان في معركة حسم لازاحة المالكي وفريقه والجلوس على سدة الحكم لتغيير سياسات يعدونها فاشلة ، ويتعرف المالكي ذاته بفشله الى ان يلوح اليهم باصابع الاتهام ، فهم جزء من الفشل .