إن ما نخالف به القرانيين بان التواتر الذي عندهم ما هو الا سنة النبي عليه الصلاة والسلام , والسنة عندنا فعل النبي وتركه واقراره تطبيقا للقران الكريم فقط وهو حجة عندنا والسنة تابعة للقرآن الكريم وغير منفصلة عنه ولولا القرآن ما وجدت السنة ابدا والمسلم يحتاج الى السنة لانه مأمور بالقرآن الكريم ان يتبع النبي الذي هو يمثل الجانب التطبيقي للقرآن الكريـــم والحديث النبوي الشريف ليس من السنة ولكنه من خدم السنة كما سنبين ذلك فالقران الكريم هو السيد وبالتالي لا بد للسيد من خدم وكانت اولى خدمه السنة ومن ثم الحديث النبوي الشريف
إن مفهوم القرآنيين للحديث النبوي الشريف هو ردة فعل تجاه تعصب اهل الحديث وتعصب مدرستهم للحديث النبوي الشريف والذي جعلوه اول الامر هو السنة وبعدها تمادوا ليجعلوه حجة على القرآن الكريم وناسخا لاياته ودلالة عليه وحكما عليه وبالتالي حق عليهم قول الله تعالى في قرآنه الكريم {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً }الفرقان30 ولن يستطيع اي احد من مدرسة الحديث ولا من غيرها ان يزعم ان الاحاديث النبوية الشريفة هي احاديث قطعية وتصل درجة قطعيتها الى درجة قطعية آيات القران الكريم ومن ادعى ذلك فهو يخالف أصول اهل تلك المدرسة الذين أصلوا لها ووضعوا الخطوط الرئيسية لها فالالباني وهو احد المتأخرين والمتشددين في مدرسة الحديث يقول في مقدمة كتابه اداب الزفاف ص 60 الاتي ( فإن الإجماع على صحة احاديث الصحيحين غير معقول ولا واقع , ولتقرير ذلك في موضع آخر , وليس معنى هذا ن احدايثهما باطلة او ضعيفة او يوجد فيها ذلك بكثرة , بل المراد أنه يوجد فيهما أحاديث غير صحيحة , لمخالفتها للواقع) وأريد ان تنتبهوا لكلمة مخالفتها للواقع حيث ان الالباني رحمه الله تعالى لم يطعن في سند رواية تلك الاحاديث لانها معتبرة من ناحية الجرح والتعديل ولكن محتوى الحديث فيه علة تخالف الواقع فأبطل الالباني كون تلك الاحاديث من الاحاديث الصحيحة وهو بالفعل نهج عقلاني من الشيخ رحمه الله لم يتبعه ابدا احد من رجال هذه المدرسة الذين يصرخون في فضائياتهم ومنابرهم ليلا ونهارا على ان الامة اجمعت على ان كل ما في الصحيحين هو من الصحيح وغيرها بل هم يتغافلون عن امور كثيرة هي ان بعض علماء الجرح والتعديل قد طعن في رواية البخاري وضعف نقله ونحن هنا لا نريد ان نطعن في الامام البخاري ولكننا نقول ان الاجماع المزعوم لم يتحقق على كتاب البخاري كما يزعم هؤلاء وان الامام البخاري اُنتقد من قبل اكثر من عالم من علماء زمانه ومن اتوا بعده وهم لديهم حجج في ذلك طبعا ولكننا نرى ان الامام البخاري من افضل ائمة الحديث وان كتابه الجامع الصحيح من اصحب كتب الحديث ولكنه ليس كتابا جامعا مانعا بالمرة فهو لم يجمع أحاديث النبي كلها ويوثقها فالنبي مثلا خطلب ما لا يقل عن 400 خطبة عيد وجمعة في المدينة المنورة فاين تلك الخطب ؟ وهل ذكر البخاري ايا من هذه الخطب ؟ ان كل ما ورد في كتاب البخاري هو حديث الاحاد فقط وان احاديث النبي العامة للملأ لم تذكر فيه بل ان معظم نصائح النبي للمسلمين قد فقدت اثرها في كتب المسلمين كما انه ليس كل ما ورد في البخاري نقبله بدون تمحيص فلا بد من النظر في الحديث من جانب الرواية والدراية اي اننا نتبع الحديث سندا وعرضا على القران الكريم بخلاف مدرسة الحديث التي ترتكن الى السند فقط ونحن في هذا الامر امة وسطا فمثلا قضية سحر النبي من قبل اليهودي لا نقبلها ابدا لانها تخالف ايات من القرن الكريم قال فيها الله تعالى
1 - { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } الفرقان47
2 - { أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً } الفرقان8
المهم وحتى لا نخرج عن الموضوع نرجع الى اصول تلك المدرسة مدرسة الحديث فاصولها تقول كما بين ذلك الامام السرخسي بان الحكم على صحة حديث هو حكم غير قطعي بل هو ظني لانهم يحكمون من خلال ما ورد اليهم من نقل الرجال ولربما توهم احد الرواة فهناك احتمال ان يكون هناك حديث ضعيف خرج من فم رسول الله ولربما هناك حديث صحيح لم ينطق به رسول الله ابدا ورحم الله الامام العراقي الحجة الذي قال
وَبالصَّحِيْحِ وَالضَّعِيفِ قَصَدُوا **** في ظَاهِرٍ لاَ الْقَطْعَ، وَالْمُعْتَمَدُ
إمْسَاكُنَا عَنْ حُكْمِنَا عَلى سَنَدْ **** بِأَنهُ أَصَحُّ مُطْلَقاً، وَقَدْ
خَاضَ بهِ قَوْمٌ فَقِيْلَ مَالِكُ ***** عَنْ نَافِعٍ بِمَا رَوَاهُ النَّاسِكُ
مَوْلاَهُ وَاخْتَرْ حَيْثُ عَنْهُ يُسْنِدُ**** الشَّافِعِيُّ قُلْتُ : وعَنْهُ أَحْمَدُ
وقد شرحها الحافظ الشيخ زكريا الأنصاري في كتابه فتح الباقي على ألفية العراقي :
(وَبالصَّحِيْحِ وَالضَّعِيفِ ):في قولهم هذا حديث صحيح أو ضعيف ( قصدوا ) الصحة و الضعف ( في ظاهر )أي فيما ظهر لهم عملا بظاهر الإسناد ( لا القطع ) بصحته أو ضعفه في نفس الأمر لجواز الخطأ و النسيان على الثقة و الضبط و الصدق على غيره و القطع إنما يستفاد من المتواتر أو مما احتف بالقرائن و خالف ابن الصلاح فيما وجد في الصحيحين أو أحدهما فاختار القطع بصحته .
ان تشدد اصحاب مدرسة الحديث هو خلاف ما عليه اصول علماء مدرستهم وبالتالي احتكموا الى الحديث وانكبوا عليه وتركوا القران الكريم وراءهم ظهريا سنة الله التي خلت من قبل وهذا التشدد جعل الكثير من طوائف المسلمين المعارضة اليهم يقف موقفا سلبيا من الحديث النبوي الشريف وخاصة في عصرنا هذا بعد ان رأوا ان معظم القتل والارهاب والتشدد نجمت بسبب اختلاف الفرق الاسلامية فيما بين ايديها من الروايات والمرويات بينما لو راجعت فوارق تلك الفرق في تفسير القران الكريم لرأيت إنها قليلة جدا ولا تصل الى درجة التكفير ابدا فاخذ الناس موقفا من تلك الاحاديث وانا برأي إن هذا الأمر يتحمل وزره اصحاب مدرسة الحديث من اهل السنة وكذلك من الشيعة فلم يمحصوا مروياتهم وتشددوا فيها وتركوا ما بين ايديهم من القران الكريم رغم ان القران الكريم يقول لهم في محكم آياته {أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ }الأعراف185 ويقول لهم أيضا {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82 {وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ }يونس37 ولكن كما أسلفنا كان هذا خطأهم الذي جر عليهم كل تلك الويلات .
وعلى النقيض فان موقف القرآنيين وغيرهم من الحديث لم يكن موقفاً موفقاً بالمرة بل أسهم في شذوذ مدرستهم عن جادة الصواب وتناسوا ان النبي عليه الصلاة والسلام كان لديه لسانا نطاقا فصيحا بليغا فهل بعث هذا النبي ليتكلم بالقرآن فقط ويسكت ؟! ان حضرة النبي عليه الصلاة والسلام كان مأمورا بالقرآن الكريم أن يدعوا الى الله وبيبين ايات الله بعد ان يبلغها وكان حضرته يفسر ايات القران الكريم بل ان الله تعالى في اكثر من موضع بالقران ان (يقُلْ) فقد ورد على سبيل المثال
1 - { وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } آل عمران80
2 - { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } آل عمران91
3 - { قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } آل عمران94
4 - { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } آل عمران97
كل تلك الايات وغيرها كانت تأمر النبي ان يقول ويفسر ويبين ويوضح ولم يكن النبي يتكلم بالقران الكريم فقط بل كان يُسئل ويجيب ويخطب بالناس ويوعظهم في الاسواق وفي مجالسه وغيرها وبالتالي ان ارث النبي محمد لم يكن سنة فقط انما كان ايضا احاديث جرت على لسانه البليغ الفصيح تلك الاحاديث لم تكن تشريعا كما يظن البعض بل انها كانت تفيد التفصيل فالقرآن في التشريع والسنة والحديث في التفصيل وان اغفال الاحاديث النبوية الشريفة هو تكذيب بالنبي واتهامه بانه لم يكن هاديا لقومه بل كان مجرد واسطة او الة للنقل ولم يكن امة قانتا لله تعالى وكانت تجري على لسانه الحكمة فبالله عليكم كيف كان يدعوا النلس في اول ايام بعثته ولم يكن عنده من القرآن الا القليل كيف كان يوجه اصحابه وكيف كان يعظهم ؟ الم يكن بكلامه وبيانه وحجته وتعاليمه التي فهمها من الوحي وهو افهم الامة بالوحي المنزل عليه وهل كان النبي عائدا لله في كل امره لا يستطيع ان يفت بامور تفصيليلة تعرض عليه من قبل الصحابة ؟!!!!!!! ولا أدري كيف يفسر أصحاب المدرسة القرانية الرافضين للاحاديث النبوية الشريفة التي أنبأت عن حال الامة وما ستشهده الامة الاسلامية من احداث وحدثت فعلا وصدقت ما ورد في تلك الاحاديث هل كذب احد ما على النبي وصدق الله كذبه واجرى الكون على كذب من كذب علىى رسول الله تعالى ؟!!!!
