كل ما يحدث جديد علينا وعلى بلادنا ، هناك عملية تشكيل جديدة لكل شيء ، هوية وطنية ستنتظر لفترة حتى تتشكل ، لحين تشكيل الهويات الخاصة بالمكونات والطوائف ، لأن المكونات والطوائف لم تحدد هوياتها بعد ولا تعرف ماذا تريد وما علاقتها بالآخر وما علاقتها بالاقليم المحيط ، سقوط النظام سمح للكورد وللشيعة ان يشاركوا في السلطة كجماعات فيما خسر السنة السلطة كجماعة ايضاً ، لذلك كل تلك المكونات بما فيها الصغيرة ، لم تتعرف على نفسها بعد ، ولم تعرف وفقاً لهذه المعطيات من يمثلها ، لا اتكلم عن اصوات هنا او هناك ، وانما اتكلم عن المجموع ، التغيرات لا تقاس بالأفراد ، حتى في التعليم هناك فروق فردية بين الطلبة ، هناك اذكياء وهناك اغبياء ، فيما النسبة الأكبر للتيار الوسطي " الطبقة الوسطى" ، وهذه الطبقة لم تعبر عن رأيها بشكل حر لحد الآن ، انها مقموعة تحت يافطة مصالح الطائفة وتقع صيداً سهلاً بيد المتشددين ، فلا السني قادر ان يعبر عن رأيه وسط الصخب والتشدد للجماعات المسلحة ولا الشيعي قادر ايضاً على تجاوز الخطوط الحمر ، والكردي ايضاً مُلزم بالمصالح العليا للإقليم .
لن تولد الهوية الوطنية بشكل اعتباطي ، بشكل قسري ، لن يكفي لولادتها تدوين معلوماتك في بطاقة الأحوال المدنية العراقية او شهادة الجنسية .
تقود الجانب الشيعي مجموعة من الأحزاب الدينية ، لكن الكثير من الطبقة الوسطى مازال لم يعبر عن نفسه سياسياً وهذا واضح من خلال نسبة المشاركة المتدنية في الانتخابات، فيما الجانب السني مازال لم يتفق بشكل نهائي على من يمثله والسبب الأكثر قبولاً ان الشيعة يمتلكون قوى سياسية "معارضة سابقة" ومنظمة بشكل كبير ، فيما السنة بعد 2003 ما زالوا في طور التشكيل ، قوى عشائرية وسياسية واسلامية ودخول "للمرجعيات الدينية" لساحة الصراع كما في المظاهرات الحالية وكل ذلك يجري وسط ضغط الجماعات المسلحة وحزب البعث.
ان التيار الوسطي الغائب والذي اعلن عن نفسه في انتخابات 2013 التي سجلت نسبة مشاركة لم تتجاوز 50% ، حيث تجد ان منطقة مختلطة مثل بغداد تسجل نسبة منخفضة جداً حوالي 33% ، اذ ستكون عملية حسم التوجه السياسي وصناعة الهوية وسيرورتها اصعب في مثل تلك المناطق المختلطة .والمفروض ان ان تكون تلك الهويات يقود بعد ذلك لتكون هوية عربية جامعة .
الهوية الوطنية ستكون ناتجاً لصهر كل تلك الهويات دون قسرها على ذلك ،بإختيارها طوعياً .
الهوية الوحيدة الجاهزة هي هوية كردستان ، وهو ما يجعل الجميع ينظر اليها بريبة ، ويتهمها بتدبير الإنفصال .