تُشكل نسبة والأرامل والأيتام في العراق نسبة كبيرة , وهي في حالة تزايد يوميا , حيث بلغ عدد الأرامل في العراق عدد لا يستهان به وتشير الإحصائيات غير الرسمية والتقديرية بوجود ما بين مليون إلى مليوني أرملة في العراق وأكثر من أربعة ملايين يتيم في بلد لا يتعدى حدود نفوسه الثلاثين مليون نسمة . كما تشير الإحصائيات العربية عن وجود بحدود ستة ملايين يتيم في الوطن العربي , وبذلك اصبح العراق يشكل نسبة عالية من هذه الظاهرة الخطيرة . ان زيادة نسبة الأيتام و الأرامل في العراق جاء نتيجة للظروف الغير اعتيادية والناتجة من سياسات الحكومات المتخبطة ومن ما صاحبها من حروب في فترة قبل 2003 م , وإعمال لإعدامات بسبب الاختلاف في الرأي للحزب القائد (الضرورة إضافة الى تفشي الإمراض السرطانية وإمراض الكلية والجهاز التنفسي جراء التلوث وأسلحة العدوان والحصار ثم أعقبها الأحداث بعد 2003 من إعمال التفجيرات والصراعات الطائفية وأعمال القتل العشوائي على يد المحتل وحرب داعش إضافة إلى تفشي الأمراض السرطانية وأمراض لها علاقة بسؤ معيشة المواطن وضعف الخدمات واستخدام أسلحة محرمة دوليا من قبل المحتل . تؤكد الباحثة العراقية في واشنطن الدكتورة كاترين ميخائيل بان هنالك أكثر من 100 امرأة تفقد زوجها في العراق يوميا لأسباب كثيرة منها الإرهاب والحرب التي يخوضها الشعب العراقي ضد داعش وأسباب أخرى من حوادث وسؤ المعيشة وتفشي الإمراض وعجز قسم من معالجتها لارتفاع أسعار المعالجة الخاصة إضافة إلى ضعف الخدمات من سكن وماء وكهرباء وصرف صحي .ولو تأملنا هذا الرقم وما يشكله من نسبة إلى نفوس العراق يبدو ان الأمر مخيف ناهيك عن ما يرافق هذا الرقم من أعداد جديدة للأيتام تضاف كل يوم إلى قائمة الأيتام الطويلة.ان الأزواج الذين رحلوا من هذا العالم وان الآباء الذين فارقوا ابناءهم لم يكن هذا بملء إرادتهم , ولا كونهم فقدوا حياتهم بسبب حادث عرضي أصابهم خلال قيامهم برحلة صيد او رحلة ترفيه , وإنما هم ذهبوا قسرا إلى حروب في زمن صدام حيث حروب لا فائدة منها سوى تلبية لرغباته الشخصية بالعظمة والهيمنة , ومنهم من فقد حياته بسبب معارضته الفكرية والسياسية وقسم منهم أتتهم المنية وهم في عملهم او تجوالهم نتيجة للتفجيرات الإرهابية وقسم كبير لبوا نداء الوطن والمرجعية للدفاع عن الأرض والعرض او جراء حوادث سير مؤسفة وفي كل الأحوال ان من رحلوا وتركوا أعزائهم . على الدولة الاهتمام بهؤلاء الأبناء بشكل كامل على الحكومة ان تراعي هذه الشريحة المحرومة وتقدم لها كل الدعم خاصة لكونهم أيتام وتعوض فقدانهم لإبائهم بالرعاية والحنان والاهتمام وضمان مستقبل أفضل ان الدستور العراقي وخاصة المادة 34 والمادة 36 التي تكفل للعراقي حق التعليم والرعاية وليس فقط الأيتام . ولكن للأيتام يجب ان يكون هنالك اهتمام اكبر , وعلى الدولة تشريع القوانين المهمة التي ترعى حقوق الأيتام بشكل خاص وأبناء العراق بشكل عام وتتابع مسيرتهم التعليمية بمراقبتهم ورفع كل المعوقات التي تحيل دون ذلك . ان الحكومات المتعاقبة لم تبذل جهدا في هذا المجال بشكل الرسمي وكبير ولم تهتم بمسألة تشريع القوانين الخاص بهم وتطبيقها لتحقيق حياة ورعاية أفضل لتلك الشريحة المحرومة . وان وجد مثل هذا الاهتمام . فهو على صعيد بعض المنظمات او المؤسسات المجتمعية والتي يكون دورها محصور ومحدد معتمدة على تبرعات المحسنين . وان هذا النشاط لا يغطي كل أعداد الأيتام من شمال العراق إلى جنوبه خاصة من المهجرين , او كل النشاطات , كما ان عمل بعض تلك المؤسسات مبهم وغير واضح للرقابة او الشفافية . ولا نريد أن نشكك بحسن النوايا فعملهم مشكور , كما ان هنالك عدم اهتمام بالأرامل خاصة من لا يجدن لهن عمل ولا توجد اتحادات او هيئات تهتم بهن وحل مشاكلهن على الرغم من معاناتهن الكبيرة وكثرة أعدادهن ان الاهتمام لا ينحصر في إيجاد راتب تقاعدي وإنما يتعدى حدود أكثر من ذلك , منها مساعدة الأم على تربية ابناها الأيتام وكذلك توفير السكن والرعاة العامة ومنها الرعاية التي تخدم الواقع النفسي للأبناء والتغلب على مشاكلهم النفسية وزرع الثقة في نفسهم وزجهم بشكل ايجابي مع فئات الشعب الأخرى للوصول بهم الى مستقبل أفضل . كما ان المادة (32 تهتم بالمعوقين بشكل عام وعلى الدولة تفعيل هذه المادة بقانون وإعطاء أهمية للأيتام من ذوي الاحتياجات الخاصة .
ان أبناء العراق الشهداء عندما ضحوا من اجلنا ومن اجل العراق وهم ضحوا بأغلى ما يملكون وهي الروح الطاهرة وعليهم ان يناموا قريري العين من خلال الاهتمام بأولادهم , وهذه الأمانة التي تركوها في أعناق الوطن والحكومة والمجتمع يجب صيانتها والعمل من اجلها بما تستحق وبما أراد الله سبحانه وتعالى. وعلى الحكومة الاهتمام بهم بشكل جدي وكامل كما عليها اتخاذ الإجراءات اللازمة من خلال إيقاف تزايد أعدادهم .من خلال رسم سياسات لإيقاف نزيف الدم ومن خلال إيقاف الحروب وفرض الأمن وتوفير الرعاية الصحية وتوفير الخدمات لقطاعات الشعب الواسعة. وتحسين الواقع المعيشي واحترام البيئة السليمة و هذا واجب الحكومة ومن أولوياتها.
مقالات اخرى للكاتب