ورد في الانباء بأن اوامر قد صدرت الى عناصر الشرطة وقوات الامن والجيش بترك معداتهم واخلاء مقراتهم والخروج من الموصل قبيل دخول عصابات داعش اليها؟! هل من المعقول سقوط ثاني اكبر مدينة في العراق بكافة احيائها ومنشئاتها ومعسكراتها ومطارها المدني والعسكري والسجون والبنوك ودوائر الدولة والاحياء السكنية وشبكات الاتصالات والقنوات التلفزيزنية ومبنى المحافظة واسواقها وشوارعها ووووووو بدون اي مقاومة تذكر؟
هل يعقل بان يهرب قادة الجيش والفرق العسكرية والقادة الامنيين وكبار الضباط والجنود والطياريين خلال لحظات امام مجموعات جائت من خارج الحدود لاتعرف الارض ولا الشوارع ولا الناس ولا المدينة هكذا مجرد هروب جماعي لايفرق بين قائد وجندي وحارس؟
ان مدينة بحجم الموصل حتى لو اراد الجيش الامريكي ان يدخلها لاحتاج الى ايام وليالي وخسائر ولعله لايحقق ذلك فكيف يكون ذلك لمجاميع من مرتزقة جائت من خارج الحدود؟ انه شيء لايمكن ان يحدث على الاطلاق لو لم يكن هناك تواطيء. ان التاريخ لايرحم والحقائق سوف تنجلي بعد انقشاع الغبار وينال المسؤولين عن ذلك جزائهم عند ذاك سيطالب الشعب تقديمهم الى القضاء بارتكاب جرائم تمس امن البلاد المباشر وعقوبة تلك الخيانة العظمى معروفة. لاشك ان مسؤولية الدفاع والداخلية بشكل مباشر تقع على عاتق نوري المالكي مرتين مرة باعتباره رئيس الحكومة ومرة لكونه وزير لكلا الوزارتين. ويقع جزء كبير من المسؤولية على اولئك القادة الذين ما انبروا يخرجون امام القنوات الفضائية برتبهم العسكرية يتبجحون بتصريحات رنانة وهم اول الهاربين بعد ترك حتى اسلحتهم للعصابات الارهابية! اين خططهم وتصريحاتهم وتبجحهم ورتبهم التي يحملون؟ ان الذين يحكمون في العراق كلهم وقادة الجيش حولوا هذا البلد الى بلد فاشل جيشه وشرطته تهرب امام عصابات تاتي من خلف الحدود وهل يوجد فشل اكبر من ذلك؟ هؤلاء كلهم يجب محاسبتهم كل واحد من موقعه وحسب مسؤوليته.
لاشك اذا كان هذا حال مدينة الموصل التي هي ثاني اكبر مدينة في العراق فان قادة (المنطقة الخضراء) سوف يتركون مكاتبهم المحصنة وسياراتهم المصفحة ليهربوا خارج العراق عند اول تهديد للعاصمة بغداد لاسامح الله! وهل بقي امام داعش للوصول الى بغداد غير ان يحسب المراقب البسيط بعملية رياضية بسيطة ليقارن وقت دخول الموصل ثم استيلاء داعش على المطارات ومخازن اعتدة الفرق في تكريت بعد ذلك وبين دخول بغداد ليعرفوا ان ذلك ليس ببعيد! عند ذاك سوف يكون اول الهاربين نوري المالكي والنجيفي والجعفري والشهرستاني وباقي الجوقة التي اغرقت العراق بالجهل والتخلف والتشرذم واوقعته بيد العصابات الاجرامية واصبح اهله مشردون في بلدهم ينخر فيهم الفقر والطائفية وسوء الخدمات والقتل على الهوية وغياب الوازع الوطني والفساد الاداري والمحسوبية والمنسوبية بحيث جعلوا الناس تتمنى العودة الى نظام صدام لا لشيء بل ليخلصهم من هؤلاء الشراذم المتناطحين على المناصب والسلطة والفساد.
ان نوري المالكي لايعرف شيء على الاطلاق من الامور العسكرية لانه ليس عسكري فكيف يكون قائدا ووزيرا للدفاع وهو ليس بشرطي لكي يقود وزارة الداخلية!؟ انه ادخل الجيش في حرب اسماها (تصفية الحساب) وهو طبعا اسم لايوحي بالبطولة ولا بالعسكرية وادخل الجيش في عملية مراوحة حول الفلوجة تقارب من نصف السنة تدنت معنويات الجيش فيها وصمدت العصابات مما رفع معنوياتها وتمددت. كان المفروض بالقادة ان يحسموا امرهم ويقولوا لنوري المالكي يجب عدم اعطاء فرصة للعصابات بترسيخ اقدامها في الفلوجة واقتحامها باسرع وقت. لو فعلوا ذلك لما حدث ما حدث في سامراء ولا الموصل ولاغيرها. السؤوال هو هل ان نوري المالكي قد افتعل مسألة الموصل وطلب سحب القوات لانه عرف بانه سوف يغادر السلطة لامحالة ففعل ذلك لكي يدخل البلاد في حالة طواريء عندها تستمر حكومته وسلطته لحين زوال تلك الحالة وذلك يمتد الى ما لايعلمه الا الله؟! هذا احتمال حتى ولو ضعيف والا ما ذا يفسر سقوط المدن العراقية واحدة تلو الاخرى خلال ساعات معدودات!
اين تسليح الجيش العراقي؟ مرت ثمان سنوات كافية لشراء اسلحة وتدريب جيوش وليس جيش ولم نسمع الا بصفقات الفساد التي امتدت الى تسليح الجيش ثم التعتيم عليها؟ هل هذه خيانة وطنية كبرى ام شيء اخر؟ الان العصابات الداعشية تتمدد الى تكريت وتستولي على مقرات الجيش واسلحته فليخرج نوري المالكي قائد القوات المسلحة الى ساحات المعركة لكي يعزز معنويات جنوده التي اخذت تنهار لان الجيش يسمع عن نوري المالكي ولا يراه ولايسمع عنه الا انه مشغول بترتيب الولاية الثالثة!؟ فالجندي الذي الذي لايرى قائده معه والضابط الذي يعلم ان قائده مشغول عنه بمصلحته السلطوية وهو ليس له تخصص في العسكرية والجيش لايكون كالضابط والجندي الذي يقف صفا الى صف مع القائد. هكذا كان مجرم الحرب جورج بوش الصغير يلبس بدلته العسكرية ويلتقي بجنوده على متن حاملة الطائرات في الخليج العربي التي دمرت العراق على مدى اعوام في عهد مجرم الحرب جورج بوش الاب 1991 مرورا بالمجرم كلنتون حتى 2011 وما يحصل اليوم هو امتداد لجرائمهم البغيضة. ولاننسى مجرم الحرب توني بلير عنما كان يزور جنود الاحتلال البريطاني في البصرة!
الان اصبح العراق في مازق شديد فالجيش والقوى الامنية غير قادرة على حماية نفسها فكيف تحمي البلد؟! وقادة العراق مشغوليين بتقاسم السلطة وهم معدومي الحس الوطني؟! الاكراد لايهمهم ويتصرفون كبلد مستقل؟! هناك شيء واحد فقط للخروج من المأزق وتجنيب العراق كوارث لاتحمد عقباها وتحويله الى دويلة طالبانية داعشية سوداء. هذا الشيء هو وضع الخلافات السنية الشيعية في الوقت الحاضر على الرف والعمل جنبا الى جنب لتوحيد الصفوف لدحر الخطر الذي يهدد الامن الوطني. وعلى هذا الاساس العمل كعراقيين فقط لدحر الخطر الخارجي. كما ويجب على العراق بحكومته الحالية التقدم بطلب الدعم من مجلس الامن للتدخل السريع لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل قبل ان تحقق موطا قدم لها فيه وانهاء تواجدهم في الفلوجة بتحريرها لكي تنكسر شوكتهم والا فهم باقون والى بغداد متجهون!
مقالات اخرى للكاتب