بعد انهيار وسقوط النظام البائد الذي حكم العراق لأكثر من ثلاثين عاماً, كان اول عمل قام به الحاكم المدني الامريكي في العراق (بول بريمر) هو حل الجيش العراقي, وقد تجاهل بريمر مكانة وتاريخ الجيش العراقي الباسل الذي يحتل المرتبة 58 عالمياً, بعد ان تجاهل نصائح الاصدقاء والحلفاء بالإبقاء على الجيش العراقي.
تلك الخطوة التي تعد السبب في معاناة الكثير من العراقيين فيما بعد, كانت نتيجة مخاوف منها ان الجيش يدين بالولاء والطاعة للنظام السابق رغم انه مباد, ومنها اشارت بريمر ان لا حاجة للجيش في وقت يتواجد فيه (مئة وخمسين) الف جندي من القوات الامريكية والتحالف على الاراضي العراقية.
بـعد ( ثلاثين يوماً) جاء قرار بريمر الثاني بشأن الجيش العراقي، وقضى بريمر هذه المرة بإعادة بناء وتشكيل الجيش الجديد بعد ضغط من الحكومة العراقية نتيجة ازدياد المخاطر الامنية, لكن اعادة بناء القدرات العسكرية ليس بالأمر اليسير, فالصعوبات كبيرة ان تقوم بهيكلة جيش عقائدي خاض اشرس المعارك ومر بمختلف المراحل في تاريخ البلاد وقاد انقلابات عسكرية وخاض حروب كثيرة, ليجد الضباط والمراتب انفسهم عاطلين عن العمل بعد ما قدموا من التضحيات.
كما ان عملية بناء الجيش الجديد بحاجة الى امكانيات عالية ووقت وجهد وخطط استراتيجية لمراحل تكوين ذلك الجيش ليكون قادر على القيام بمهامه على اكمل وجه, ناهيك عن ضرورة توفير الاجواء السياسية الهادئة والصحية من اجل اختزال الزمن في عملية التكوين, ووقف التدخلات الخارجية والاقليمية من محاولة عرقلة وتأخير تشكيل ذلك الجيش حتى لا يكون قوة كبيرة تشكل خطر من جديد, لما تركت السياسات السابقة من اثر في نشر الرعب في نفوس قادة المنطقة واستخدام الجيش كقوة لتنفيذ المخططات الخارجية.
القيادة السياسية ليست موحدة في العراق فهي تتكون من شركاء, واولئك الشركاء هم من اخذوا على عاتقهم تشكيل ذلك الجيش, وبما ان الجميع يعلم بانهم لم يتفقوا يوماً على عقيدة دفاعية واحدة, فان الجيش سيكون بين المطرقة والسندان في تنفيذ المهام التي من الواجب القيام بها, اضف الى ذلك ان حكومة كردستان وايران وبعض الدول الخليجية يخشون من تشكيل جيش عراقي قوي.
التحديات والمخاطر الكبيرة التي تمر بها العملية السياسية في العراق لها انعكاساتها الخطيرة على قدرة واداء الجيش العراقي , اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار الحداثة في التشكيل وتغلغل المليشيات وعناصر من الجيش السابق بين صفوفه, بالإضافة الى عدم اكتمال الجاهزية من وجهة نظر عسكرية واستراتيجية من حيث القوة القتالية والقدرة القتالية أي الموارد البشرية والموارد المادية من اسلحة وتجهيزات.
وهذه التحديات بمجملها تعتبر المعوقات الاساسية في ضعف اداء الجيش العراقي في صد الارهاب, ولنكن منصفين بعدم تحميل الجيش المسؤولية في بعض مما يجري كون القيادة السياسية اقحمت الجيش في العمل وأدرة الشؤون الداخلية والخارجية مما شتت الجهد العسكري وغيب الروح المعنوية العالية لدى المقاتل, بعدما تعددت الجبهات ووقوف بالمواجهة مع المواطن رغم علمه بان الشعب مصدر السلطة.