ما يؤسف حقا ويؤلم جدا , أن النَفس الطائفي الفئوي يتسيّد الكثير من الكتابات والخطابات في وسائل الإعلام والمواقع والصحف , وتتكاثر الأقلام التي تتحدث بمصطلحات مقيتة خارجة عن أبجديات العصر ولغة الزمان الحاضر.
فلا يقولون "حُكم عراقي" أو "مواطن عراقي" , وإنما يقرنون ذلك بالسين والشين والصاد , وغيرها الكثير من العربدات العدوانية على الوطن والبشر والدين والقيم والمعايير والأخلاق.
فلماذا لا يقولون "حُكم عراقي"؟!
أ ليس الذين تسميهم بما يحلو لها الأدمغة المُبرمجة فئويا يشتركون بصفة العراقي , وهم عراقيون , أينما حلوا وكانوا , في السلطة أو الدائرة والمدرسة والجامعة وأماكن العبادة , أو في السجن و المعتقل.
فلماذا ننزع صفة عراقي وندوسها بأقدام المُسميات السيئة المُفرّقة المدمرة للإنسان والعمران؟!
أ لا تساءل أصحاب الأقلام الذين يصفون الإنسان والمكان بما يُراد لأعداء الوجود العراقي أن يسمونه , ويكررون ذلك ويقرنونه بما يرسخه ويعمقه ويحوله إلى وسيلة للتدمير والتصارع والعدوان والخراب.
لماذا هذا السلوك الغريب الذي لا مثيل له في مجتمعات الدنيا وأحزابها وحكوماتها ونشاطاتها كافة , فلا يوجد مجتمع بشري يسعى الى الفُرقة والتناحر , وتعزيز مفردات التدمير الذاتي والموضوعي , إلا في مجتمعنا المَضحوك عليه من رأسه حتى قدميه.
فما تكتبه الأقلام وتتداوله وسائل الإعلام يُعد من الجرائم التي تحاسب عليها القوانين في العديد من المجتمعات , فلا يجوز في المجتمعات المعاصرة التشجيع على فرقة أبناء المجتمع وبث المشاعر السلبية بينهم , أو التحريض على القيام بما يؤذي المجتمع ويبدد قدراته وقواه.
لا يجوز ذلك إلا في مجتمعاتنا التي حسبت الديمقراطية فئويات وتحزبات وتكتلات وتصارعات , وتفاعلات مع الآخرين من ذوي المصالح والبرامج والتطلعات العقائدية والفكرية , وغيرها من التوجهات والطموحات , التي لا تخدم مصالح مجتمعنا المنكوب بالأقلام والكراسي والأدعياء والدجالين والمرائين والأفاكين , من ذوي السلطة والمال الحرام , الذي يحسبونه رزقا من ربهم الكريم.
وكفى غباءً وسوءً وإستهتارا بالقيم والمعايير الإنسانية والوطنية والحضارية , فالوطن وطن الجميع , والمواطن فيه عراقي أولا وأخيرا , وبعد ذلك قل ما شئت وتمنيت!!
مقالات اخرى للكاتب